
تُعتبر قبيلة عربان النِّجِمَية الأنصارية واحدة من أعرق القبائل العربية التي استقرت في مصر، وتحديدًا في منطقة الجيزة. يؤكد الباحثون والمؤرخون، بالإضافة إلى رواة القبيلة أنفسهم، أن أصولهم تعود إلى رجل يُدعى "نجم الدين"، وهو أحد قادة الجيوش العربية الذين شاركوا في فتح بلاد برقة. يرتبط نسب نجم الدين بالصحابي الجليل سعد الأنصاري، الذي ينتمي إلى العرب القحطانية. حيث أن تواتر النسب بالقبيلة كما يلي :
حسن بن العفيني بن علي بن صالح بن خضر بن زمام بن نجم بن نجم الصغير بن علي بن صالح بن رحيم بن العفيني بن عثمان بن عفان بن سليمان بن نجم بن سبع الجزاح الصغير بن خليفة بن سبع الجزاح الكبير بن صلخان بن نجم بن سعد الأنصاري بن عبادة الكبير.
وعلى الرغم من أن هناك بعض الغموض حول تحديد هوية سعد الأنصاري بالضبط، سواء كان سعد بن عبادة أم سعد بن معاذ، إلا أن الراجح بين أفراد القبيلة والمجتمع الأنصاري هو أنهم من نسل الصحابي الجليل سعد بن عبادة، سيد قبيلة الخزرج من الأزد.
بداية التكوين والهجرة إلى الأندلس
بدأت قصة هذه القبيلة في الأندلس، حيث عاشت لقرون طويلة، وشهدت فترات ازدهار خلال العصر الإسلامي، خاصة في عهد دولتي المرابطين والموحدين. ومع سقوط الأندلس، اضطرت القبيلة إلى الهجرة نحو المغرب العربي، مثلها مثل العديد من القبائل العربية الأخرى التي انتقلت من شبه الجزيرة الأيبيرية إلى شمال إفريقيا. ومن بين هذه القبائل، تُذكر قبيلة المعابدة الأنصار، التي تشترك مع النِّجِمَية في النسب والتاريخ، حيث تعود أصولها أيضًا إلى سعد بن عبادة. عاشت قبيلة المعابدة في الأندلس والمغرب قبل أن تنتقل إلى مصر في بداية العصر العثماني، وهي نفس الحقبة الزمنية لنزول النجمية الي مصر الا أنها أستقرت بالجيزة و المعابدة تحت سفح الجبل الشرقي بمحافظة أسيوط.
أما قبيلة النِّجِمَية، فقد هاجرت إلى ليبيا واستقرت هناك لفترة من الزمن، حيث عُدَّت من قبائل المرابطين. وبعد أربعة قرون، نزحت القبيلة إلى مصر، ولم يعد لها وجود في ليبيا. استقرت القبيلة بالقرب من أهرامات الجيزة، في منطقة سُميت فيما بعد بـ"نزلة البطران" تيمنًا بهم.
ما قاله المؤرخون عن قبيلة النِّجِمَية
أشار المؤرخ محمد رمزي إلى أن قبيلة النِّجِمَية كانت تقيم في الجيزة، وكانت مهمتها الأساسية حراسة الأهرامات والدروب المؤدية إلى الغرب. كما ذكر اللواء صلاح التايب أن القبيلة تنتمي إلى المرابطين، وأن نسبهم يتصل بالأمير نجم الدين، أحد قادة الجيوش العربية. هاجرت القبيلة من ليبيا إلى صحراء مصر منذ أكثر من ثلاثة قرون، ولها فروع عديدة في الجيزة، خاصة في نزلة بطران والكوم الأخضر وكفر الجبل وكفر نصار بالهرم. كما توجد فروع أخرى في زاوية مسلم ونزلة الأشطر وأوسيم والزيدية وكفر حكيم والمنصورية وبرقاش وسبك الأحد، بالإضافة إلى وجود مجموعة منهم في قليوب.
حياة القبيلة وتطورها
عاش أفراد القبيلة حياة بدوية تقليدية حتى بدأ السياح يتوافدون بكثرة إلى منطقة الأهرامات في القرن العشرين. مع هذا التدفق السياحي، ظهرت بين أفراد القبيلة طائفة التراجمة والأدلاء الذين كانوا يعملون كمرشدين للسياح. كما اشتهرت القبيلة بتربية الخيول والإبل، والتي كانت تُؤجر للسياح من جميع أنحاء العالم. وقد توارث أفراد القبيلة هذه المهن من جيل إلى جيل، مما ساهم في الحفاظ على تراثهم وتقاليدهم.
عائلات القبيلة وشخصياتها البارزة
تتكون القبيلة من عدة عائلات بارزة، منها عائلات فايد، والحلو، والسروري، وخطاب، والجابري، والشاعر، والبطران، والجبر. ومن بين الشخصيات البارزة في القبيلة الشيخ أبو طالب الجابري، والدكتور رحيم حسين، واللواء عاشور الجابري، ومحمد الدسوقي رشدان عمدة العزيزية، وأمين بيك عمدة المرازيق بمركز العياط، وشيخ العرب علّام خطاب عمدة أبو رواش بالجيزة. كما تُعتبر أسرة الجابري في الإسكندرية من الأسر المعروفة في القبيلة.
انتشار القبيلة في مصر
ذكر المؤرخ أحمد لطفي السيد ونعوم شقير أن قبيلة النِّجِمَية تنتشر في عدة محافظات مصرية، منها الجيزة والمنوفية والبحيرة والقليوبية والدقهلية. كما أشار الفرنسي أميديه جوبير في كتابه "وصف مصر" إلى أن القبيلة تقيم في البهنسا وضواحي الجيزة والمناطق القاحلة بالقرب من الأهرامات، وكان عدد فرسانها يصل إلى 200 فارس.
أقوال المؤرخين عن نسب القبيلة
قال عبد السلام الحبوني إن الشيخ منسي البطران أخبره بأن قبيلة النِّجِمَية تتصل نسبها بالأمير نجم الدين، أحد قادة الجيوش العربية في الفتوحات الإسلامية الأولى، والذي يرتبط نسبه بالصحابي الجليل سعد الأنصاري. وأضاف الحبوني أن أفراد القبيلة يقيمون في نزلة البطران وكفر الجبل ونزلة السمان والكوم الأخضر وكفر نصار، وجميعها مناطق تقع بالقرب من الأهرامات في الجيزة. كما توجد فروع أخرى للقبيلة في زاوية مسلم ونزلة الأشطر والزيدية وأوسيم والمنصورية وكفر حكيم وبرقاش وسبك الأحد، بالإضافة إلى وجودهم في قليوب.
بطون القبيلة وعائلاتها
تنقسم القبيلة إلى عدة أفخاذ وعائلات، منها عائلات فايد، والحلو، والسروري، والجبر، وخطاب، والشاعر، والبطران. ومن بين الشخصيات البارزة في هذه العائلات الشيخ علي المنسي البطران، الذي كان عميد عائلة البطران بالهرم في الجيزة سنة 1890م، وهو أحد كبار أعيان مصر في زمانه. كما يُذكر الشيخ أبو طالب الجابري، الذي كان رفيقًا للمستكشف أحمد حسنين في رحلته عبر الصحراء.
دور القبيلة في المجتمع المصري
لعبت قبيلة النِّجِمَية دورًا مهمًا في المجتمع المصري، خاصة في مجال السياحة والآثار. فقد عمل أفراد القبيلة كأدلاء وتراجمة للسياح، مما ساهم في تعزيز سمعة مصر كوجهة سياحية عالمية. كما اشتهرت القبيلة بتربية الخيول والإبل، والتي كانت تُستخدم في نقل السياح واستكشاف المناطق الأثرية.
عربان النجمية بالجيزة وهوارة النجمية بصعيد مصر: تاريخ وجذور
تعود أصول قبيلة النجمية الأنصار إلى العرب الذين دخلوا مصر من الأندلس قبل أقل من خمسمئة عام، بينما يرتبط وجود هوارة النجمة في مصر بتاريخ قديم يعود إلى زمن الفتح الإسلامي. اندمجت قبيلة النجمية مع عرب ربيعة وسيطرت على أسوان، حيث أسست دولة الكنوز (238هـ - 466هـ)، التي تضمنت أسوان والبجا والنوبة وحلفا، وكانت من نسل بني حنيفة ثم انصهرت في خلف هوارة.
ترتبط هوارة النجمة بالأمير نجم الدين، الذي ينتمي إلى تميم الدار، الذي أنجب عمران، جد العمرانية، ونصر الدين، الذي ينتمي إليه العوامر في مصر والسودان. تميم الدار ينحدر من سلالة تمتد إلى الصحابي الجليل تميم الداري. تشمل سلالة نجم الدين العديد من القبائل، مثل الحريبات والعونلاب، في حين أن ذرية الأمير شرف الدين تضم البجواب وأفرع أخرى تتواجد في مصر والسودان. تعكس هذه الأنساب التاريخ العريق والتنوع الثقافي للقبائل العربية في مصر.
عائلة البطران: حراس الأهرامات وقلب النجيمة النابض
تُعد عائلة البطران واحدة من أعرق فروع قبيلة النجيمة، التي حملت راية الريادة والقيادة بين عربان النجمة لقرون طويلة. فبعد أن استوطنت قبيلة النجيمة بلاد الأندلس وعاشت فيها قرونًا متعاقبة، قررت الهجرة إلى بلاد المغرب العربي، حيث استقرت لفترة من الزمن، قبل أن تتوجه أخيرًا إلى أرض المحروسة (مصر) تحت قيادة الشيخ علي المنسي البطران، عميد قبائل النجيمة. وقد استقرت العائلة بالقرب من أهرامات الجيزة، حيث أُطلق على المنطقة اسم "نزلة البطران" تكريمًا لهم وتخليدًا لذكراهم.
الشيخ علي المنسي البطران: شيخ العرب وحامي الأهرامات
عُرف الشيخ علي المنسي البطران بلقب "شيخ العرب" و"شيخ مشايخ قبيلة النجيمة"، حيث كان رمزًا للقيادة والحكمة. وبعد استقراره مع أبنائه بالقرب من أهرامات الجيزة، كلفه الوالي محمد علي بمهمة حراسة الأهرامات والمعابد الفرعونية، بالإضافة إلى بعض الدروب والطرق المؤدية إلى المغرب. وقد توارث أبناء وأحفاد عائلة البطران هذه المهمة العظيمة عبر الأجيال، خلال فترات الحكم العثماني وحكم الملك فؤاد الأول.
وتحتفظ كتب التاريخ بالعديد من الصور الفوتوغرافية النادرة التي توثق لحظات تاريخية لعائلة البطران، سواء أثناء مرافقتهم للبعثات الاستكشافية أو خلال استقبالهم لضيوف مصر من الملوك والأمراء والأجانب.
شيوخ عائلة البطران: رموز القيادة والعطاء
1. الشيخ علي المنسي البطران: الملقب بـ"فخر القبائل والعشائر"، رمزًا للعزة والقيادة في قبيلة النجيمة. وخلفه في الزعامة ابنه رحيم باشا البطران، الذي شغل منصب عمدة عموم قبائل عربان النجيمة من عام 1909 حتى عام 1955، وقد تم تخليد اسمه بتسمية أحد الشوارع باسمه.
3. حضرة الوجيه الشيخ محمد عبدالباري خليفة البطران عضو مجلس الشيوخ في العهد الملكي من كبار أعيان الجيزة من أكبر تجار الجيزة.
![]() |
الشيخ محمد عبد الباري البطران |
4. اللواء محمد عباس حمزة البطران: وُلد في 31 ديسمبر 1956 في منطقة نزلة البطران بالهرم، وشغل منصب مساعد وزير الداخلية ورئيس مباحث قطاع السجون. استُشهد في 29 يناير 2011 أثناء تصديه لمهاجمين حاولوا فتح أبواب السجون وتهريب المسجونين، ليكون بذلك رمزًا للتضحية والشجاعة.
الانتشار الجغرافي لعائلة البطران
تتركز عائلة البطران في منطقة نزلة البطران بالهرم في محافظة الجيزة، حيث يُعتبرون حراسًا للأهرامات، وقد لعبوا دورًا مهمًا في حماية المنطقة عبر التاريخ. بالإضافة إلى ذلك، تنتشر فروع العائلة في عدة مناطق أخرى بمصر، مثل البحيرة، الإسكندرية، الشرقية، طنطا، كفر الشيخ، بني سويف، والمنوفية، حيث ساهموا في تنمية تلك المناطق وتركوا بصمة واضحة في تاريخها.
ومن أبرز فروع العائلة، عزبة أبراهيم البطران في سنورس بالفيوم، التي أسسها الشيخ أبراهيم علي البطران، والذي تفرعت من ذريته شجرة عائلة البطران لتمتد إلى بلاد الشام، حيث توجد عائلة البطران الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى وجودها في الأردن. ومن أبرز رجالاتها العميد الركن المهندس أيمن أحمد البطران، مدير عام مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير (KADDB).
صور من أرشيف عائلة البطران
▪️صورة لشيخ العرب علي منسي البطران عميد عائلة البطران بالهرم في الجيزة سنة 1890 م.
▪️صورة لرحيم باشا علي منسي البطران عمدة عموم قبائل عربان النجمية 1955م.
▪️صورة تُظهر عائلة البطران في لحظات تذكارية أسفل هرم خوفو عام 1899م.
▪️صورة من حفل ضيافة عائلة البطران للملك فؤاد الأول أثناء زيارته لمنطقة الأهرامات بالجيزة عام 1927.
▪️صورة عائلية من حفل زفاف "مندي رحيم علي المنسي البطران" في نزلة البطران بالجيزة يوم ٦ فبراير سنة ١٩٢٩.
الجالسون من اليسار إلى اليمين:
- محمد علي رحيم.
- عبد العظيم علي منسي.
- محمود الشلبي.
- شيخ العرب رحيم باشا علي منسي البطران.
- شخص يدعى داوود (مصور صحفي).
- حسن علي منسي.
- محمد علي منسي (شقيق شيخ العرب رحيم باشا علي المنسي).
- طفل صغير هو نجل محمد علي منسي.
- غير معروف.
- سلطان رحيم.
- عبد المهدي البطران.
- مندي رحيم علي المنسي (العريس).
- ناجي محمد علي المنسي (ابن شقيق شيخ العرب رحيم باشا علي المنسي).
- محمد علي سيف النصر.
- عبد الجواد المنسي.
▪️صورة للشيخ أبراهيم علي البطران، أكبر معمر في العالم عن عمر ١٥٣ عام ، التُقطت عام 1922.
▪️صورة تظهر ملامح شاب و طفل من قبيلة النجمية -عائلة البطران - سنة 1931.
▪️هذه وثيقة تعود إلى عام ١٨٩٨ من منطقة الهرم، نزلة البطران، وتضم أسماء عائلات لا تزال موجودة حتى الآن، ومنها: عائلة البطران، عائلة كرامة، عائلة التربالي، وعائلة السبكي (ختم المأذون).
تُعد عائلة البطران نموذجًا للعطاء والتضحية، حيث حملت على عاتقها مسؤولية حماية التراث المصري العريق، وساهمت في بناء وتنمية العديد من المناطق في مصر وخارجها، لتبقى ذكراها خالدة في صفحات التاريخ.
فرع الشاعر من قبيلة النجمة: تاريخ ومكانة اجتماعية وسياسية
يُعتبر فرع الشاعر أحد الفروع البارزة لقبيلة النجمة في محافظة الجيزة، حيث يلعب دورًا محوريًا في الحياة القبلية والاجتماعية في المنطقة. يتميز هذا الفرع بتاريخه العريق وإسهاماته الفعالة، ويُعتبر جزءًا مهمًا من التركيبة القبلية المعقدة لقبيلة النجمة التي تضم أيضًا فروعًا أخرى مثل أبو خطاب، البطران، وأبو حسين.
تُعزى شهرة فرع الشاعر إلى النشاط الاجتماعي والسياسي الذي قام به أفراده، مما أضفى عليهم مكانة بارزة داخل المجتمع. يعتبر الشيخ رضوان الشاعر من الشخصيات البارزة التي تميزت في هذا الفرع، حيث شغل منصب عضو في مجلس الشعب المصري. ويُظهر هذا الدور الرفيع الأثر الكبير الذي كان لأفراد الفرع في المشاركة في صناعة القرار وفي تعزيز القضايا التي تهم المجتمع.
عبر العقود الماضية، ساهم أفراد فرع الشاعر في العديد من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية التي ساعدت في بناء الروابط بين العائلات داخل القبيلة وبين القبائل الأخرى. كما أن لهم تاريخًا في المشاركة الفعالة في المناسبات الاجتماعية والثقافية، مما يعكس روح التعاون والتآزر بين أفراد القبيلة. لقد لعبوا دورًا رئيسيًا في فض النزاعات وتعزيز الوحدة بين أبناء القبيلة، واحتفظوا بمكانتهم كشخصيات مؤثرة في المجتمع المحلي.
إضافة إلى ذلك، كان لفرع الشاعر دور كبير في دعم القضايا الوطنية والإسهام في تحقيق التنمية المحلية. وقد حرص أفراده على المشاركة في الفعاليات السياسية والاجتماعية، مما جعل لهم صوتًا مسموعًا في قضايا تُعنى بمصلحة الوطن والمجتمع. إن مشاركة فرع الشاعر في الأحداث التاريخية والاجتماعية جعلتهم مثالًا يُحتذى به في الولاء والانتماء، ويُعزز ذلك مكانتهم كجزء أساسي من النسيج الاجتماعي في محافظة الجيزة.
الخلاصة
تُعتبر قبيلة النِّجِمَية الأنصارية نموذجًا للقبائل العربية التي حافظت على تراثها وتقاليدها عبر القرون. من خلال تاريخها العريق ودورها البارز في المجتمع المصري، تظل هذه القبيلة شاهدًا حيًا على عراقة الثقافة العربية وتأثيرها في مصر.
لا تنسوا مشاركة المقال مع أصدقائكم وزيارة المدونة لمزيد من المواضيع الشيقة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك