عائلة دباح الأنصاري بجرجا: إرث علمي وأنساب عريقة
تُعد عائلة دباح الأنصاري بجرجا من العائلات العريقة ذات الجذور العربية الأصيلة، والتي ارتبط اسمها بالعلم والفقه الشرعي، حيث أخرجت العديد من العلماء الذين تركوا بصمتهم في التاريخ الإسلامي. وقد اشتهرت العائلة بين العامة باسم عائلة الدباح، نسبةً إلى جدها أحمد الدباح الأنصاري، وتوثقت مكانتها العلمية من خلال العديد من المخطوطات والوثائق، من بينها إجازة علمية محفوظة بدار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة، وهي شهادة تؤكد دور العائلة في الحركة العلمية الأزهرية.
إجازة علمية للشيخ بكري بن عبدالجواد بن مصطفى الأنصاري
أحد أبرز أعلام هذه العائلة كان الشيخ بكري بن عبدالجواد بن مصطفى الدباح الحنفي الأنصاري الجرجاوي، الذي حصل على إجازة علمية من مجموعة من علماء الأزهر، من بينهم الشيخ أحمد كبوه المالكي. هذه الإجازة، المسجلة تحت رقم حفظ 446 فن مصطلح بدار الكتب المصرية، تعكس عمق ارتباط هذه العائلة بالعلم والدين.
"حمداً لمن نوَّر بصائر أهل المعارف فجنوا ثمارها وراثة خالف عن سالف، وصلاة وسلاماً على سند الأمة المزيح لصدى القلوب في غياهب الظلمة، وعلى آله وأصحابه خير من اتبعه وأمَّه... فقد استجازني الفاضل العالم العلامة الشيخ بكري بن الشيخ عبدالجواد بن الشيخ مصطفى دباح الحنفي مذهباً الأنصاري الجرجاوي بلداً الصعيدي، عفا الله عنه، فأجزته رجاء البركة لي وله بما تلقيته عن أشياخي من معقول ومنقول، موصياً له بالتقوى فإنها السبب الأقوى، وأن لا يُقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، نفعه الله ونفع به، وأجرى الخير على يده بمنه وكرمه. آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم." – الفقير أحمد كبوه المالكي.
نسب العائلة واتصالها بالأنصار
يعود نسب الشيخ بكري بن عبدالجواد إلى سلالة أنصارية كريمة، كما ذكره المؤرخ المراغي في كتابيه تعطير النواحي والأرجاء وخلاصة التعطير. حيث أورد عمود نسبه كالتالي:
"بكري بن عبدالجواد بن مصطفى بن بكري بن عمر بن أحمد بن محمود بن أحمد الشهير بالدباح الحنفي، وينتهي نسبه إلى سيدنا شرف الدين السيد الشريف، المدفون بجزيرة شندويل بالمراغة، والذي ورد ذكره في القواميس التاريخية على أنه من الأولياء الصالحين."
وقد ذكر المراغي أيضاً أن الشيخ بكري بن عبدالجواد تولى القضاء لفترة في بلاد السودان، وتركه لاحقًا، كما أخذ العلم عن كبار العلماء وأجيز منهم، مثل:
- الشيخ محمد الدمنهوري
- الشيخ أحمد كبوه المالكي
- الشيخ الرافعي
- الشيخ مصطفى القرشي
الأنصارية والامتداد الجغرافي للعائلة
أكدت جميع إجازات علماء الأزهر للشيخ بكري بن عبدالجواد أنه كان يحمل لقب الأنصاري الجرجاوي، مما يرسّخ نسب العائلة إلى الأنصار، على الرغم من ارتباطهم بجزيرة شندويل بالمراغة، والتي كانت مستقراً لكثير من علماء الأنصار قديماً، وما زالت تضم حتى اليوم عائلات أنصارية عريقة، مثل آل الشفاعنة الأنصاري، الذين كان لهم دور بارز في مجالات العلم والأدب.
يُرجَّح أن الشيخ شرف الدين، المدفون بجزيرة شندويل، كان من علماء وأولياء الأنصار، خاصةً أن المراغة كانت موطناً للعديد من الأسر العلمية الأنصارية، مما يدلل على أن عائلة دباح تنتمي إلى هذه السلالة المباركة.
تُمثل عائلة دباح الأنصاري بجرجا جزءًا من الإرث العلمي الأزهري، حيث نشأ فيها علماء حملوا راية الفقه والمعرفة. إن ارتباطها بالمؤسسات الدينية الكبرى، وحصول رموزها على إجازات علمية موثقة، يؤكد أن هذه العائلة لم تكن مجرد أسرة أنصارية عادية، بل كانت من البيوتات العلمية التي تركت بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي، سواءً من خلال نشر العلم، أو عبر تبوؤ مناصب دينية وقضائية. رحم الله سلفهم، وبارك في خلفهم ليستمر هذا الإرث العلمي العريق.
بقلم د/ وليد الراعي الانصاري
المصادر:
- إجازة الشيخ أحمد كبوه للشيخ بكري بن عبدالجواد بن مصطفى الأنصاري الجرجاوي – دار الكتب المصرية (رقم 446 فن مصطلح).
- تعطير النواحي والأرجاء – تأليف الشيخ المراغي.
- خلاصة التعطير – تأليف الشيخ المراغي.
موضوعات ذات صلة :
لا تنسوا مشاركة المقال مع أصدقائكم وزيارة المدونة لمزيد من المواضيع الشيقة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك