الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

عرب المعابدة عبر الصحراء _ رحلة المئة عام او تزيد


نقدم لحضراتكم نبذة عن خروج الاجداد من الفردوس المفقود الأندلس إلى وادي النيل مصر  
رحلة المئة عام او تزيد بالصحاري والفيافي المغربية  
******************************************
كنت أتمنى أن أكون كاتب روائي يستطيع أن يبحر بخياله عبر الزمن ليتأمل ويجسد هذه الحقبه العصبيه على أحفاد الملوك لرجال كانوا أسياد دولة تتسيد العالم إلى أن دار الزمان عليها وعليهم، ولكن سأحاول رصدها بأسلوبي العلمي الركيك أدبيا في التالي:

 سقطت غرناطة اخر ممالك الأندلس مملكة بني الاحمر الانصار عام 1492 م أي منذ حوالي 600 عام وهرب منها جموع القبائل العربية الاندلسية الى بلاد المغرب وكان منهم قبيلة المعابدة ومنهم بني شافعين من ذرية ابوبكر عبادة بن عبدالله بن محمد بن عبادة بن افلح الانصاري من ذرية سيد الخزرج سعد بن عبادة رضي الله عنه ، ومجموعات من أبناء عمومتهم بني الأحمر من ذرية سعد بن عبادة والسعايدة الأنصار من ذرية سعدبن عبادة ومعهم خرج البكريين من عرب بني ربيعة من ذرية بكر بن وائل أصحاب جزيرة أونبه وشليطش في أخر زمان الأندلس. 

الأعزاء ولا زمن عزهم وملكهم وحملوا أبنائهم وزوجاتهم على النوق يتقدمهم الفرسان ينتقلون من وادي إلى وادي في الصحاري والوديان المغاربية في رحلة لا أظن أنها سهلة

وكما قال الشاعِر الأندلسي ابى البقاء الرندي في رثاء الأندلس وهو من قبيلة نَفْزة ( وهي من قبائل البربر ) قال
لكل شيء إذا ما تم نـقـصـان = فلا يغر بطيب العيش إنـسـان
هي الأمور كما شاهدتـهـا دول = من سره زمن ساءتـه أزمـان
وهذه الدار لا تبقي علـى أحـد = ولا يدوم على حال لهـا شـان.

خلال 100عام أو يزيد خالطوا وصاهرو فيها قبائل البربر والمغرب مثل قبائل لولاته و زيناته وصنهاجة وكتامة وهوارة قبائل قوية محاربة أحبو الاسلام والعرب والأندلس ودافعوا عنها في زمن ضعفها واسسوا دول قوية مثل دولة المرابطين ثم الموحدين وثم المرينية وبالمصاهرة هناك من انضم إلى المعابدة في رحلتهم ، كذلك خالطوا من القبائل العربية القاطنة بالمغرب مثل قبائل بني سليم و بني هلال. 

 مزيج قوي أصيل أنصهر في ركاب قبيلة المعابدة ليكونوا حلف المعابدة الذي دخل مصر مع بداية الدول العثمانية و التي قامت على أنقاض حقبة المماليك إلى أن حط بهم الرحال بقرية  قديمة من الأعمال الاسيوطية تدعى طهنهور (عرب المعابدة حاليا) تحت سفح الجبل الشرقي ليستقر بهم الحال هناك.

 مئة عام او تزيد في بلاد المغرب تركت في المعابدة اثارا واضحة بالطباع والأسماء والألقاب والتشكيل العرقي 
فمثلا:

(١)  ميلهم إلى البداوة وحياة الصحراء ظهر واضحا في أختيارهم للأستقرار تحت سفح الجبل وهو موقع مميز يجعلهم يجمعون بين طبيعة الصحراء والقرب من وادي النيل والعمل بالزراعة والأندماج مع حياتهم الجديدة. 

(٢) أستقرار قبيلة المعابدة الأنصار في شمال محافظة أسيوط يتوافق مع المحيط الجغرافي للقبائل القادمة من ليبيا والمغرب العربي والتي تنتشر بكثرة في محافظات الفيوم وبني سويف والمنيا وشمال أسيوط. 

(٢) الجمع بين الطيبة والكرم المرتبطة بالأصل الكريم مع العصبية الشديد والشجاعة وهما من طباع قبائل العرب وقبائل المغرب معا. 

(٤) جذور وانساب قرية المعابدة فبها عائلات شوافع المعابدة الأنصار و السعايدة الأنصار و الطوالب من البكريين من بني ربيعة وعائلة المرابطين و عائلة الهواوره وعائلة الطحاوية من بني سليم بالإضافة عائلات عربية أخرى.

(٥) استبدال لقب (الجد ) بلقب ( السيد ) فيلقب الحفيد جده ب( سيدي فلان ) وهو لقب مغربي الأصل. 

(٦) يظهر موروث هذه الرحلة في بعض ألاسماء فمثلا أسم الجلفي كما في آل الجلفي شافعين المعبدي الأنصاري المنتشرين بالمراغة وشندويل والفيوم مأخوذ من اسم ولاية الجلفة الجزائرية احد أهم مدن الجزائرية

(٧) من العادات القديمة ذات الموروث الأندلسي والمغربي والتي يتميز بها نساء شوافع المعابدة الأنصار من القدم ولاذال تحتفظ بها البعض وهي (البردة) : عبارة عن رداء أسود تلتحف به النساء لا يظهر سوى عين واحدة وهي تشبة الى حد كبير لباس نساء قرية البشير الأندلسية الواقعة بين مدينتي قادش وطريفة على الشريط الساحلي المقابل لعدوة المغرب  ولا فرق بينة وبين (الحايك) المعروف في 
 الشمال المغربي وفي الجزائر وتونس الا في لونة الاسود كما يطلق عليها عند آل شافعين الأنصاري بقرية شندويل البلد بصعيد مصر أسم (الشجة) الى الأن.



(٨) التفاف بعض أبناء عمومتنا حول ولي الله الشريف محمد  الزلتيمي البرقي ابن الشريف عبد السلام الفيتوري البرقي ليكونوا معه في رحلة وركابه منذ حوالي 350 عام إلى ان أستقر بأحدى بقاع نجع حمادي وأسس قرية زليتن وهم الأن أكبر عائلاتها والشريف الزلتيمي برقي من الديار الليبية يحمل لغة وموروث أهل المغرب.

 (٩) نقول ( اولاد شافع ) كما هي عادة القبائل المغاربية الأصل ولا نقول ( بني شافع) كما هي عادة العربية القادمة من الجزيرة العربية مباشرة الى مصركما في قبيلة بني حرام الأنصارية .  

(١٠) رغم عودة نطق كلمة شافع إلى أصلها الصحيح في اللغة العربية إلا ان من شوافع المعابدة من أحتفظ بالموروث الأندلسي المغربي بأضافة الياء والنون إلى الاسماء ليستمر كما كان شافعين الأندلس.

(١١) المعروف أيضا في مؤلفات المسلمين الذين كتبوا عن الأندلس أن أهل هذه البلاد لا يهمزون، إذ لا ينطقون الهمزة بحيث يلفظون "البئر": "البِيرْ"، ولا يقولون :نأكل" بل "ناَكُلْ" كما في لهجة قبيلة المعابدة.

(١٢) كما كان الأندلسيون غير آبهين ببعض صيغ النحو والصرف، وتجاوزت هذه "العدوى" حدود بلادهم، إذ يستخدم أهل المعابدة بصورة عامة صيغة المتكلم الجمع بدلا من المفرد عند الحديث عن أنفسهم كأفراد، إذ يقولون: "نْرُوحْ" و"نَلْعَب" وليس "أروح" و"ألعب" أو "نرتاح" بدلا من "أرتاح"، و "نَمْشِي" بدلا من "أَمْشِي".

(١٣) من عادات لهجتنا والتي هي نتاج أندلسي هي استعمال حرف الجر "في" بإلصاقه مباشرة بالاسم المجرور  وحذف يائه، كأن نقول: فالبلد وليس "فِي البلد"، أو "فالبيت" بدلا من "فِي البيت".

(١٤) نقول (فين) أختصارا ل (في أين) فنقول (فين كنت) بدلا من (فأين كنت)، و (منين) التي نختصر بها السؤال (من أين) وهي من لهجه أهل غرناطة وأرياف الأندلس.

هذا بعض الأستدلالات الهامة المستوحاة من تاريخنا والتي تشكل ملامح شخصياتنا ولهجتنا وطباعنا و إلى مزيد من المعلومات الهامة مستقبلا بأذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

(أعداد/ محمد شافعين المعبدي الأنصاري)