السبت، 1 فبراير 2025

تاريخ الصراع والصلح بين قبيلتي الأشراف والحميدات في قنا

صور النادرة من مجلة "نور الإسلام" التي توثق هذا الصلح التاريخي بين الأشراف والحميدات
صور النادرة من مجلة "نور الإسلام" التي توثق هذا الصلح التاريخي بين الأشراف والحميدات


تُعَدُّ محافظة قنا من أهم مناطق الصعيد المصري، حيث تلتقي فيها العديد من القبائل العربية العريقة التي تميزت بتاريخ طويل من النزاعات والصراعات، ولكن أيضًا من محاولات التعايش السلمي والصلح بين القبائل المختلفة. من بين هذه القبائل، تبرز قبيلتا الأشراف والحميدات، اللتان تتمتعان بتاريخ طويل وعميق في المنطقة، تخللته العديد من الأزمات والصراعات التي كان لها تأثير كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية في قنا. في هذا المقال، نستعرض تاريخ الصراع بين هاتين القبيلتين، بالإضافة إلى محاولات الصلح بينهما وكيفية تعزيز قيم الصلح في ضوء تعاليم الإسلام.


نسب قبيلة الأشراف في قنا

قبيلة الأشراف في قنا تعتبر من أكبر وأهم القبائل التي تنحدر من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي تتميز بتاريخ طويل من الجهاد والعلم والقيادة. فالأشراف في قنا ينتمون إلى ذرية الحسن والحسين رضي الله عنهما، ويُقسمون إلى عدة فروع هامة، منها:

  • الأشراف الجمامزة: وهم ينحدرون من الأمير جمال الدين جماز.

  • الأشراف البحرية: الذين يسكنون قرى مثل المخادمة والبطاطخة والشويخات.

  • الأشراف القبلية: الذين يعيشون في قرى مثل الخربة والدغيمات.

  • الأشراف الشرقية: التي تضم مناطق مثل نجع الحي ونجع حمد الله.

  • الأشراف الغربية: الذين يعيشون في قرى مثل الكراوين والعسيلية.

تُقدَّر أعداد قبيلة الأشراف في قنا بحوالي خمسين ألف نسمة، وتُعد هذه القبيلة من القبائل ذات الأثر الكبير في تاريخ المنطقة، حيث ساهم أفرادها في مختلف المجالات من علماء وأعيان وقادة.


نسب قبيلة الحميدات في قنا

أما قبيلة الحميدات في قنا، فهي تُعتبر من قبائل الهوارة، و يقال إن الحميدات يعودون إلى حميد بن سالم بن لبيد، ويُقسَمون إلى عدة فروع بارزة مثل:

  • أولاد سالم: الذين يعودون إلى حميد بن سالم بن لبيد.

  • العقارية العجوز: التي تضم عائلات مثل الهوادي.

  • النصيرات: التي تشمل عائلات مثل آل حارس وآل أبو السعود.

  • جزيرة النصيرات: التي تضم عائلات مثل آل أبو زيد.

تنتشر عائلات الحميدات في عدة مناطق في قنا، مثل مركز دشنا وقرى قنا وقوص، ويُقدَّر تعدادهم بحوالي ثلاثين ألف نسمة.


الصراع بين الأشراف والحميدات في قنا

على الرغم من الجذور المشتركة التي تجمع الأشراف والحميدات في قنا، إلا أن العلاقة بين القبيلتين شهدت العديد من النزاعات والصراعات التي تعود إلى اختلافات في النفوذ على الأراضي والمراعي، إلى جانب قضايا اجتماعية وعشائرية. في بداية القرن العشرين، اندلعت صراعات كبيرة بين الأشراف والحميدات، وبلغت ذروتها في عام 1921، عندما نشبت اشتباكات دموية بين الطرفين بسبب قضايا الثأر والكرامة العشائرية. هذه الصراعات استمرت حتى عام 1940، عندما تم التوصل إلى صلح تاريخي بين القبيلتين، وهو ما شكل نقطة تحول هامة في تاريخ المنطقة وظل هذا الصلح محترم وقائم علي مدار عشرات السنين بغض النظر عن المناوشات التي قد تقع علي أحقاب متباعدة وبشكل أسري لا يمتد الي عموم القبيلتين اللتان الي الأن يحترمون أتفاق الأجداد من مشايخهم.


محاولات الصلح بين الأشراف والحميدات

على الرغم من النزاعات العديدة التي نشبت بين الأشراف والحميدات، إلا أن العديد من محاولات الصلح قد بُذلت طوال العقود الماضية. في عام 1921م، وفي عام 1940، تم التوصل إلى صلح تاريخي بين الطرفين، حيث تم الاتفاق على إنهاء حالة العداء بينهما وتسوية جميع القضايا العالقة، سواءً تلك المتعلقة بالأراضي أو الثأر أو الحقوق العشائرية. وقد جرت هذه المفاوضات تحت إشراف كبار رجال الأزهر والدولة والصعيد وشيوخ القبيلتين، الذين عملوا جاهدين على ضمان نجاح هذا الصلح.

تُعدُّ الصور النادرة التي نشرتها مجلة "نور الإسلام" في تلك الفترة بمثابة وثائق ثمينة توثق تلك الفترة التاريخية الهامة في حياة قبيلتي الأشراف والحميدات، وتعكس الجهود الكبيرة التي بذلها الزعماء من كلا القبيلتين من أجل التوصل إلى حل سلمي. في تلك الفترة، كان واضحًا أن قادة الأشراف والحميدات كانوا يدركون أهمية الحفاظ على السلام والعدالة بين أفرادهم، بعيدًا عن العنف والصراع.

صور النادرة من مجلة "نور الإسلام" التي توثق هذا الصلح التاريخي بين الأشراف والحميدات)


الصلح بين الاشراف وهوارة الحميدات


جدير بالذكر التعريف بالمصدر مجلة "نور الإسلام" هي مجلة إسلامية شهرية تأسست في عام 1930م تحت إشراف الأزهر الشريف، وهدفت إلى نشر الفكر الإسلامي الوسطي وتعليم القيم الدينية والثقافية. قدمت المجلة محتوى متنوعًا يشمل مواضيع دينية، ثقافية، وتعليمية واجتماعية، مما جعلها مصدرًا هامًا للتوجيه في ذلك الوقت. توقفت المجلة عن الصدور في عام 1971م، لكنها تركت بصمة واضحة في تاريخ الصحافة الإسلامية.



الصلح والسلام من أخلاق الإسلام

في الإسلام، يُعتبر السلام والصلح من القيم الأساسية التي يُحث المسلمون على العمل بها. فقد أوصى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بضرورة إصلاح ذات البين وتحقيق السلام بين الناس، سواءً كانوا أفرادًا أو قبائل.

قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (الحجرات: 10).

وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" (رواه الترمذي).
وهذا يدل على أن إصلاح العلاقات بين المسلمين، سواءً على مستوى الأفراد أو بين القبائل، يُعتبر من الأعمال الجليلة التي تقرب العبد إلى الله.

إضافةً إلى ذلك، فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية التسامح والعفو بين الناس، مؤكدًا أن "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، مما يعكس أن الإسلام يدعو إلى نبذ العنف والصراعات، ويحث على العيش في سلام ووئام.


الخاتمة

إن تاريخ الصراع والصلح بين قبيلتي الأشراف والحميدات في قنا يُعدُّ مثالًا حيًّا على كيفية تعامل المجتمعات مع التحديات والصراعات. ورغم أن النزاع بين القبيلتين استمر لعدة عقود، إلا أن جهود الصلح التي تم التوصل إليها في عام 1940 كانت خطوة هامة نحو تحقيق السلام في المنطقة. ومن خلال تلك الجهود، يمكننا أن نرى بوضوح كيف أن قيم الصلح والسلام، التي جاء بها الإسلام، يمكن أن تكون الحل الأمثل لحل النزاعات وإنهاء الحروب بين الناس.

إن الإسلام يُعلمنا أن السلام ليس فقط غاية، بل هو أسلوب حياة. وقد تم تجسيد هذه القيم في التصالح بين الأشراف والحميدات، وهو ما يعكس أن النبل والكرامة لا يأتون إلا من خلال التعاون والاحترام المتبادل. فالإصلاح بين القبائل والعشائر هو من أسمى الأعمال التي تضمن التعايش السلمي وتحقيق الأمان للمجتمع ككل.

هل توافقون على أن السلام هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار المجتمعي، وأنه يجب العمل بكل جدية على تعميم ثقافة الصلح بين القبائل في مناطق أخرى؟

الفرق بين الشهرة والاستفاضة في الأنساب


يُعد علم الأنساب من العلوم التي اهتم بها العرب منذ القدم، حيث كانوا يحرصون على توثيق أنسابهم وحفظها من خلال الروايات والتدوينات، وكان للنسب مكانة رفيعة في المجتمع العربي، إذ يُعتمد عليه في معرفة الأصول والانتماءات القبلية. ومن بين المفاهيم الأساسية في هذا العلم مصطلحا "الشهرة" و"الاستفاضة"، وهما وسيلتان يُعتمد عليهما في إثبات الأنساب، لكن بينهما فروق جوهرية تجعل إحداهما أقوى من الأخرى من حيث الحجية والتوثيق.

في هذا المقال، سنسلط الضوء على الفرق بين الشهرة والاستفاضة في علم الأنساب، مع توضيح مدى قوة كل منهما في إثبات صحة النسب، كما سنعرض مقارنة تفصيلية بينهما لإبراز الاختلافات الرئيسية.


أولًا: الشهرة في الأنساب

مفهوم الشهرة

الشُّهْرَة تعني ذيوع وانتشار النسب بين الناس، بحيث يصبح معلومًا عند الجميع دون الحاجة إلى وثائق أو أدلة مكتوبة، وهي تعتمد على تداول النسب شفهيًا عبر الأجيال، دون أن يكون لها طرق توثيقية واضحة.

خصائص الشهرة

  1. انتشار الخبر دون توثيق: النسب المشهور يكون معروفًا بين الناس، لكنه قد لا يستند إلى دليل كتابي أو مخطوط.
  2. إمكانية الخطأ والتزييف: هناك العديد من الأنساب المشهورة التي اتضح لاحقًا أنها غير صحيحة، بسبب اعتمادها على النقل الشفوي فقط.
  3. ضعف الحجية: الشهرة تُعد أدنى مراتب شروط النسب، ولا يُعتد بها عند النسابين إذا لم تدعمها أدلة قوية مثل الوثائق والمشجرات.
  4. عدم الاعتماد عليها وحدها: الشهرة تُستخدم فقط كقرينة للاستئناس، لكنها لا تكفي لإثبات صحة النسب إذا لم يكن هناك ما يؤيدها.

مقولة شهيرة عن الشهرة

قيل عند العلماء المحققين: "رب مشهور لا أصل له، ورب أصيل لم يشتهر"، أي أن بعض الأنساب قد تشتهر دون أن تكون صحيحة، والعكس صحيح، فقد يكون هناك نسب أصيل لكنه غير مشهور بين العامة.


ثانيًا: الاستفاضة في الأنساب

مفهوم الاستفاضة

الاستفاضة تعني انتشار النسب على نطاق أوسع من الشهرة، بحيث يكون معروفًا عند جمع غفير من الناس، ويستند إلى أدلة وشواهد تدعمه، مثل المخطوطات والوثائق والمبايعات والمشجرات.

خصائص الاستفاضة

  1. انتشار واسع وتواتر قوي: النسب المستفيض يُعرف عند عدد كبير من الناس، بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب.
  2. وجود طرق موثوقة للتوثيق: مثل المخطوطات، الوثائق الرسمية، المشجرات، الروايات المتواترة عن كبار السن، والشعر الذي يذكر أسماء الأجداد.
  3. درجة أعلى من الحجية: تُعتبر أقوى من الشهرة في إثبات الأنساب، ويعتمد عليها النسابون والمحققون.
  4. تنقسم إلى نوعين:
    • استفاضة آحاد: يكون النسب معروفًا عند مجموعة محدودة لكنها موثوقة.
    • استفاضة متواترة: يكون النسب منتشرًا عند جميع أبناء القبيلة أو المنطقة، مما يجعله أقوى من الاستفاضة الآحادية.

أهمية الاستفاضة في إثبات النسب

الاستفاضة تُعد الوسيلة الأكثر اعتمادًا لدى النسابين، لأنها لا تعتمد على النقل الشفهي فقط، بل تستند إلى أدلة موثقة ومتعددة، مما يجعلها أكثر موثوقية مقارنةً بالشهرة.


ثالثًا: الفرق بين الشهرة والاستفاضة في الأنساب





رابعًا: أيهما أقوى في إثبات النسب؟

من خلال مقارنة الشهرة والاستفاضة، يتضح أن الاستفاضة تُعد أقوى وسيلة لإثبات الأنساب، لأنها تعتمد على التواتر والوثائق والمشجرات، بينما الشهرة قد تكون مجرد تداول شائع لا يستند إلى أدلة قوية. ولذلك، يعتمد علماء الأنساب على الاستفاضة في البحث والتوثيق، بينما يتم التعامل مع الشهرة بحذر، خشية أن تكون مجرد سمعة متداولة دون أصل موثق.


الخاتمة

علم الأنساب يحتاج إلى التحقق والتدقيق، لأن النسب ليس مجرد اسم يُتناقل، بل هو تاريخ ووثائق وسندات تثبت صحته. وبينما تُستخدم الشهرة كقرينة للاستئناس، تبقى الاستفاضة الوسيلة الأكثر قوة وموثوقية في إثبات الأنساب، لأنها تستند إلى تواتر وانتشار مدعوم بالأدلة والمخطوطات.

لهذا، يجب على الباحثين في علم الأنساب الاعتماد على المصادر الموثوقة، والتمييز بين ما هو مجرد شهرة وما هو استفاضة متواترة، لضمان صحة المعلومات وعدم الوقوع في الأخطاء أو التزييف.

ما رأيك في أهمية التحقق من الأنساب؟ وهل ترى أن الشهرة كافية لإثبات النسب أم أن الاستفاضة هي الخيار الأوثق؟


تحية التقبيل في الخليج والعالم العربي: بين التراث والتغيرات الحديثة

تحية الخشم في الخليج


تعد طرق التحية في مختلف الثقافات تعبيرًا عن القيم والتقاليد المتوارثة، وتكشف عن طبيعة العلاقات الاجتماعية ومدى التقارب بين الأفراد. في العالم العربي، تتميز كل منطقة بعادات خاصة في التحية، حيث يتنوع السلام بين التقبيل على الخد، وتقبيل اليد احترامًا للكبار، والمصافحة الرسمية، وصولًا إلى تحية الأنف التي تشتهر بها دول الخليج، والمعروفة بـ "السلام بالخشوم". هذه العادات ليست مجرد إجراءات شكلية، بل هي تعبير عن الهوية والثقافة والانتماء، وتختلف وفقًا للعمر والجنس والمكانة الاجتماعية.

1. تحية التقبيل في العالم العربي

دول الخليج العربي: المخامشة والسلام بالخشوم

في السعودية والإمارات وقطر وعمان، يعد السلام بالخشوم من العادات الراسخة التي تعبر عن الاحترام والتقدير المتبادل بين الرجال. تتم هذه التحية عبر ملامسة الأنف مرتين أو أكثر، مع إبقاء العينين مفتوحتين لتجنب سوء التقدير في المسافة. تعكس هذه العادة مفهوم "الأنفة" الذي يشير إلى العزة والكرامة، حيث يمثل الأنف الجزء الأبرز في الوجه، وبالتالي يصبح في مقدمة التحية كرمز للشرف والمكانة.

إلى جانب ذلك، تنتشر في الخليج تحية التقبيل على الخد بين الأصدقاء، وتختلف عدد القبلات باختلاف درجة القرب الاجتماعي. وفي بعض الأحيان، يكتفي الأفراد بالمصافحة، خاصةً في المناسبات الرسمية.

مصر والسودان: التقبيل والمصافحة حسب الموقف

في مصر والسودان، يعتبر التقبيل على الخد وسيلة شائعة للتحية بين الأصدقاء والمقربين من نفس الجنس، وغالبًا يكون مرتين أو ثلاثًا. أما في اللقاءات الرسمية أو بين الأشخاص غير المقربين، فتكون المصافحة هي الخيار الأكثر شيوعًا، حيث تعكس الاحترام مع الحفاظ على المسافة الاجتماعية.

بلاد الشام: ثلاث قبلات متتابعة

في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، يُستخدم التقبيل على الخد كتحية رئيسية، ويكون عادةً ثلاث مرات، تبدأ من الخد الأيمن. هذا التقليد يعبر عن المودة والدفء الاجتماعي، لكنه قد يختلف حسب العادات الأسرية والفردية، حيث يكتفي بعض الأشخاص بالمصافحة فقط، خاصةً في البيئات الرسمية أو بين الرجال الذين لا يعرفون بعضهم جيدًا.

المغرب العربي: قبلة اليد احترامًا للكبار

في المغرب والجزائر، تُعتبر قبلة اليد علامة على الاحترام، خاصةً تجاه كبار السن أو الشخصيات الدينية. أما التقبيل على الخد، فيختلف بين العائلات والمجتمعات، حيث يكون مزدوجًا أو ثلاثيًا حسب درجة القرب والحميمية. في تونس وليبيا، قد تقتصر التحية على المصافحة في الأوساط الرسمية، بينما يبقى التقبيل شائعًا بين الأصدقاء والعائلة.

اليمن والعراق: التقدير من خلال المخامشة وتقبيل الكتف

في اليمن، تُمارس عادة "المخامشة" أو ملامسة الأنف بين الرجال كدليل على الاحترام والتقدير، وتُستخدم خاصةً في اللقاءات القبلية والمناسبات الاجتماعية. وفي بعض الحالات، يُضاف إليها تقبيل الكتف كرمز للخضوع والاحترام الكبير.
أما في العراق، فالتقبيل على الخد شائع بين الرجال، وغالبًا ما يكون ثلاث مرات، بينما تفضل بعض القبائل المصافحة فقط، خاصةً في المناسبات الرسمية.


2. السلام بالخشوم: تحية عربية أصيلة

يعد السلام بالخشوم من أقدم طرق التحية في الجزيرة العربية، وهو تقليد يجمع بين العزة والتقدير والمكانة الاجتماعية. ويقتصر على العائلة والعشيرة والأصدقاء المقربين، ولا يُمارس عادةً مع الغرباء. كما أنه وسيلة رمزية لإنهاء الخصومات، حيث يعبر عن طيّ صفحة الخلافات والعودة إلى العلاقات الودية.

تشابه ثقافي مع تحية "الهونغي" لدى الماوريين

تتجاوز هذه العادة حدود الجزيرة العربية، حيث نجد لها تشابهًا مع تحية "الهونغي" لدى شعب الماوري في نيوزيلندا. في هذه التحية، يقوم الشخصان بملامسة أنفيهما للحظات مع إغماض العينين، وأحيانًا يلمسان الجبهة أيضًا، كرمز للتواصل الروحي ومشاركة الأنفاس والحياة. الفرق الأساسي أن الماوريين يرون في هذه العادة وسيلة للتقرب من الأجداد واستحضار أرواحهم، بينما في الخليج العربي، تعكس هذه التحية مكانة الشخص واحترامه في المجتمع.


3. تأثير العولمة وجائحة كورونا على عادات التقبيل

رغم رسوخ هذه العادات في المجتمعات العربية، إلا أنها شهدت بعض التغيرات بفعل العولمة والتغيرات الصحية، خاصةً مع انتشار فيروس كورونا. في ظل الجائحة، أصبح الكثيرون أكثر حرصًا على تجنب التقبيل المباشر، واتجهوا نحو التحية عن بُعد أو الاكتفاء بالمصافحة السريعة.

إجراءات الوقاية للحفاظ على العادات دون مخاطر

وضعت بعض الجهات الصحية توصيات للحد من انتقال الفيروس مع الحفاظ على هذه التقاليد، ومن أبرزها:

  • غسل اليدين قبل وبعد التحية.
  • تجنب السلام بالخشوم إذا كان أحد الطرفين مريضًا.
  • تعقيم اليدين بشكل منتظم.

رغم هذه الاحتياطات، لا تزال طرق التحية التقليدية تلعب دورًا مهمًا في ترسيخ الروابط الاجتماعية، حيث تعتبر جزءًا من الهوية الثقافية التي تميز كل مجتمع عن الآخر.


ختامًا: هل تؤثر التغيرات الحديثة على العادات المتوارثة؟

تظل عادات التقبيل والتحية جزءًا لا يتجزأ من الهوية العربية، حيث تعكس الاحترام والمودة والانتماء الاجتماعي. ومع ذلك، تطرح العولمة والتطورات الصحية الحديثة تساؤلات حول مستقبل هذه التقاليد، ومدى تأثرها بالمخاوف الصحية والتغيرات الاجتماعية.

برأيك، هل يمكن أن تستمر هذه العادات في ظل التحديات الحديثة، أم أن المستقبل يحمل بدائل جديدة لتحية تعكس القيم العربية بطرق مختلفة؟