الاثنين، 30 يوليو 2012

فضل أنصار رسول الله ﷺ في القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي

كيف خلد القرآن والسنة ذكر الأنصار؟


فضل أنصار رسول الله ﷺ في القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي

لقد كان للأنصار – وهم الأوس والخزرج من أهل المدينة – فضل عظيم في نصرة الإسلام ورسوله ﷺ، حتى استحقوا الثناء في القرآن الكريم والسنة النبوية. فقد قدموا أرواحهم وأموالهم لنصرة الدين، وكانوا الدرع الحامي للدعوة الإسلامية في بدايتها، فاستحقوا أن يكونوا شركاء المهاجرين في بناء الأمة الإسلامية.

في هذا المقال، سنستعرض فضل الأنصار في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية، ونلقي نظرة على دورهم المحوري في التاريخ الإسلامي، وكيف ساهموا في نشر الإسلام وحمايته.


الأنصار في القرآن الكريم

ورد ذكر الأنصار في آيات كثيرة من القرآن الكريم، حيث أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم وبيّن فضلهم ومكانتهم. ومن أبرز الآيات التي تناولت فضلهم:

  1. الثناء عليهم لإيوائهم المهاجرين ونصرتهم للإسلام
    قال الله تعالى:
    ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: 9].

    في هذه الآية، مدح الله الأنصار لأنهم استقبلوا المهاجرين بصدور رحبة، ولم يكن لديهم أي حسد أو ضيق تجاه ما أعطاه الله للمهاجرين، بل بلغ بهم الإيثار أن قدّموا المهاجرين على أنفسهم حتى في أشد حالات الفقر والحاجة.

  2. وصفهم بأنهم من المفلحين
    قال تعالى:

    ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: 74].

    هنا، يؤكد الله أن الذين آووا النبي ﷺ ونصروه هم من المؤمنين حقًا، وجعل لهم مغفرةً ورزقًا كريمًا جزاءً لما قدموه للإسلام.

  3. مدحهم في ميثاق بيعة العقبة
    حينما بايع الأنصار النبي ﷺ في بيعة العقبة الثانية، وعدهم الله بجنات النعيم، كما جاء في قوله تعالى:
    ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ [التوبة: 111].


فضل الأنصار في السنة النبوية

جاءت أحاديث كثيرة تؤكد فضل الأنصار ومكانتهم عند النبي ﷺ، ومنها:

( 1 ) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن محمد بن عبد الرحمن عن ابن شرحبيل عن قيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { اللهم صل على الأنصار وعلى ذرية الأنصار وعلى ذرية ذرية الأنصار } .

( 2 ) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي سلمة قال : حدثني رجل عن سعيد الصراف , وهو عن سعيد الصراف عن إسحاق بن سعد بن عبادة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن هذا الحي من الأنصار مجنة , حبهم إيمان وبغضهم نفاق} 

( 3 ) حدثنا إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نساء وصبيانا من الأنصار مقبلين من عرس فقال : اللهم أنتم من أحب الناس إلي } .

( 4 ) حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لو سلك الناس واديا وشعبا وسلكتم واديا وشعبا لسلكت واديكم وشعبكم , أنتم شعار والناس دثار , ولولا الهجرة كنت امرأ من الأنصار , ثم رفع يديه حتى أني لأرى بياض إبطيه ما تحت منكبيه فقال : اللهم , اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار } .

( 5 ) حدثنا شبابة قال ثنا شعبة قال ثنا عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق , ومن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله } .

( 6 ) حدثنا محمد بن بشر العبدي قال ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لو أن الناس سلكوا واديا أو شعبا وسلك الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم , ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار } [ ص: 541 ]

( 7 ) حدثنا محمد بن بشر قال ثنا محمد بن عمرو قال ثنا سعد بن المنذر عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن الحارث بن زياد من أصحاب بدر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أحب الأنصار أحبه الله حين يلقاه , ومن أبغض الأنصار أبغضه الله حين يلقاه }.

( 8 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد أن سعد بن إبراهيم أخبره عن الحكم بن مينا عن يزيد بن جارية أنه كان جالسا في نفر من الأنصار فمر عليهم معاوية فسألهم عن حديثهم , فقالوا : كنا في حديث من حديث الأنصار , فقال معاوية : أفلا أزيدكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من أحب الأنصار أحبه الله , ومن أبغض الأنصار أبغضه الله } .

( 9 ) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن عطية عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ألا إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي , وإن كرشي الأنصار , فاعفوا عن مسيئهم واقبلوا من محسنهم } .

( 10 ) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عدي عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم يعني الأنصار } .


فضل الأنصار في القرآن




( 11 ) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال ثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار , ولو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت مع الأنصار } .

( 12 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الناس دثار والأنصار شعار , الأنصار كرشي وعيبتي , ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار } .

( 13 ) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أنس [ ص: 542 ] قال : كتب زيد بن أرقم إلى أنس يعزيه بولده وأهله الذين أصيبوا يوم الحرة , فكتب في كتابه : وإني مبشرك ببشرى من الله , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار ولنساء أبناء الأنصار ولنساء أبناء أبناء الأنصار } .
( 14 ) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الأنصار قال : أعفة صبر } .

( 15 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس عن أسيد بن حضير { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار : إنكم سترون بعدي أثرة , قالوا : فما تأمرنا , قال : تصبرون حتى تلقوني على الحوض } [ ص: 543 ]


قبائل أنصار النبي محمد صلى الله عليه وسلم


( 16 ) حدثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار , ولو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم , الأنصار شعار والناس دثار وإنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض } .

( 17 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله , لا مولى لهم غيره } .

( 18 ) حدثنا أبو خالد عن حميد عن أنس قال :  خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة باردة والمهاجرون والأنصار يحفرون الخندق , فلما نظر إليهم قال : ألا إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة فأجابوا : نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبد . 

(19) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عدي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر } .


الأنصار صفوة من الأخيار


( 20 ) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر } .

( 21 ) حدثنا يعلى بن عبيد قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي قتادة قال : أخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار } .

( 22 ) حدثنا زيد بن حبان عن هشام بن هارون الأنصاري قال حدثني معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اللهم اغفر للأنصار ولذراري الأنصار ولذراري ذراريهم ولمواليهم وجيرانهم } .

( 23 ) حدثنا الفضل بن دكين قال ثنا ابن الغسيل قال ثنا عكرمة عن ابن عباس قال : { جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على المنبر عليه ملحفة متوشحا بها عاصبا رأسه بعصابة دسماء , قال : فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس تكثرون ويقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام , فمن ولي من أمرهم شيئا فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم  .


الأنصار هم قبائل الأوس والخزرج


( 24 ) حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن طلحة قال : كان يقال : بغض الأنصار نفاق .

( 25 ) حدثنا شبابة بن سوار قال ثنا شعبة عن معاوية بن قرة أنه سمع أنسا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { اللهم أصلح الأنصار والمهاجرة } .

دور الأنصار في التاريخ الإسلامي

  1. نصرة الإسلام منذ اللحظة الأولى
    بعد بيعة العقبة الثانية، استعد الأنصار لاستقبال النبي ﷺ في المدينة، وكانوا حجر الأساس في بناء الدولة الإسلامية.

  2. حماية النبي ﷺ والدفاع عنه
    كان الأنصار في مقدمة الصفوف في جميع الغزوات، بدءًا من بدر وأحد، وحتى فتح مكة.

  3. المشاركة في نشر الإسلام
    كان الأنصار دعاة للإسلام، حيث خرج منهم علماء وقادة ساهموا في نشر الدين في مختلف الأقطار.

  4. دورهم في سقيفة بني ساعدة
    بعد وفاة النبي ﷺ، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة للمسلمين، مما يدل على دورهم السياسي البارز في إدارة شؤون الأمة.

  5. موقفهم من الفتوحات الإسلامية
    شارك الأنصار في الفتوحات الإسلامية في العراق والشام ومصر، وساهموا في نشر الإسلام في البلاد المفتوحة.


لقد كان الأنصار مثالًا حيًا على الإخلاص والتضحية في سبيل الله، واستحقوا الثناء في القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي. فكانوا عماد الدولة الإسلامية الأولى، وساهموا في انتشار الإسلام في أصقاع الأرض.

واليوم، تبقى سيرتهم درسًا في نصرة الحق والإخلاص لله ورسوله، فهل نستلهم من الأنصار روح التضحية والوفاء في نصرة الإسلام والمسلمين؟

                                  ******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك