نقدم
لأبناء العمومة هذة القصائد فى ذكرى سقوط
الأندلس
فى ذكرى الرحيل عن موطن الاجداد فى
ذكرى
(فردوسنا المفقود
قصيدة
: لكل شيء اذا ماتمّ ( رثاء الأندلس(
للشاعر ابو البقاء الرندي
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
|
فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
|
هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ
|
مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
|
وهذه الدار لا تُبقي على أحد
|
ولا يدوم على حالٍ لها شان
|
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ
|
إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
|
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ
|
كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
|
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
|
وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
|
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
|
وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
|
وأين ما حازه قارون من ذهب
|
وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
|
أتى على الكُل أمر لا مَرد له
|
حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
|
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك
|
كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
|
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه
|
وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
|
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ
|
يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
|
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة
|
وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
|
وللحوادث سُلوان يسهلها
|
وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
|
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له
|
هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
|
أصابها العينُ في الإسلام فامتحنتْ
|
حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ
|
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً)
|
وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
|
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم
|
من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
|
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ
|
ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
|
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما
|
عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
|
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من ! ;أسفٍ
|
كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
|
على ديار من الإسلام خالية
|
قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
|
حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما
|
فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
|
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ
|
حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
|
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ
|
إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
|
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ
|
أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
|
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها
|
وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
|
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً
|
كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
|
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ
|
كأنها في ظلام النقع نيرانُ
|
وراتعين وراء البحر في دعةٍ
|
لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
|
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ
|
فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
|
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم
|
قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
|
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ
|
وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
|
ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ
|
أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
|
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ
|
أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
|
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم
|
واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
|
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ
|
عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
|
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ
|
لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
|
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما
|
كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
|
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت
|
كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
|
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً
|
والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
|
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ
|
إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
|
قصيدة
أحد عشر كوكبا
للشاعر:
محمود درويش
في المساءِ الأخير ِ على هذهِ الأرْض
نَقطَعُ أَيّامَنا
عَنْ شُجيّراتِنا ، ونَعُدُّ الضُلوعَ الَّتي سَوفَ نَحمِلُها مَعَنا
والضُلوعَ الَّتي سَوْفَ نَتْرُكُها هَهُنا ... في المَساءِ الأخيرْ
لا نُودِّعُ شَيئا ، ولا نَجِدُ الوَقتَ كَيْ نَنْتهي ...
كُلُّ شيءٍ يَظَلُ على حَالِهِ ، فَالمَكانُ يُبَدِّلُ أَحلامَنا
ويُبَدِّلُ زوّارَهُ . فَجأةً لَمْ نَعُدْ قادرينَ على السُخريَة
فَالمَكَانُ مُعَدٌ لِكَيْ يَستَضيفَ الهَباء .. هُنا في الْمَسَاء الأَخيرْ
نَتَمَلى الْجِبالَ المُحيطَةَ بالْغَيْم : فَتْحٌ .. وَفَتْحٌ مُضادّ
وَزَمانٌ قَديمٌ يُسَلِمُ هذا الزَمَانَ الجَديدَ مَفاتيحَ أَبوابنا
فادْخلوا ، أَيُّها الْفاتِحونَ ، مَنازِلَنا واشربوا خَمرَنا
مِنْ مُوشَّحنا السَّهل . فاللّيْلُ نَحنُ إذا انتَصَفَ اللّيْلُ ،
لا فَجْرَ يَحْمِلُهُ فارسٌ قَادِمٌ مِنْ نَواحي الأَذان الأَخيرْ ..
شايُنا أَخْضَرٌ سَاخِنٌ فاشْرَبوه ، وَفُستُقُنا طَازجٌ فَكُلوه
والأَسِرَّةُ خَضْراءُ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ ، فَاسْتَسلِموا لِلنُعاسْ
بَعْدَ هذا الْحِصارِ الطَّويلِ ، وَنَاموا على ريشِ أحْلامِنا
المُلاءاتُ جاهِزَةٌ ، وَالعُطورُ على الْبابِ جاهِزةٌ ، وَالمرايا كَثيرة
فَادخُلوها لِنَخْرُجَ مِنْها تَماما ، وعَمَّا قَليلٍ سَنَبْحَثُ عَمّا
كانَ تاريخَنا حَوْلَ تاريخِكُمْ في الْبلاد الْبَعيدَة
وَسَنسْأَلُ أَنْفُسَنا فِي النِّهايَة : هَلْ كَانَتِ الأَندلس
هَهُنا أَمْ هُنَاكَ ؟ عَلى الأَرضِ ... أَمْ في الْقَصيدَة ؟
كَيْفَ أَكْتُبُ فَوْقَ السَّحابِ وَصِيَّةَ أَهْلي؟ وَأَهْلي
يَتْرُكونَ الزَّمانَ كَما يَتْرُكونَ مَعاطِفَهُمْ في الْبُيوتِ
وَأَهْلي
كُلَّما شَيَّدوا قَلْعَةً هَدَموها لِكَيْ يَرْفَعوا فَوْقَها
خَيْمَةً لِلْحَنينِ إِلى أَوَّلِ النَّخْل . أَهْلي يَخُونونَ أَهْلي
في حُروبِ الدِّفاعِ عَنِ الْمِلْح . لكِنَّ غَرْناطَةً مِنْ ذَهَب
مِنْ حَريرِ الْكَلامِ الْمُطَرَّزِ بِاللَّوْزِ, مِنْ فِضَّةِ الدَّمْعِ في
وَتَرِ الْعود. غَرْناطَةٌ لِلصُّعودِ الْكَبيرِ إلى ذاتِها...
وَلَها أَنْ تَكونَ كَما تَبْتَغي أَنْ تَكونَ: الْحَنينَ إلى
أَيِّ شَيْءٍ مَضى أَوْ سَيَمْضي: يَحُكُّ جَناحُ سُنونوَّةٍ
نَهْدَ امْرأَةٍ في السَّريرِ, فَتَصْرُخُ: غَرْناطَةٌ جَسَدي
وَيُضَيِّعُ شَخْصٌ غَزالَتَهُ في الْبَراري, فَيَصْرُخُ؛ غَرناطَةٌ بَلَدي
وَأَنا مِنْ هُناكَ, فَغَنّي لِتَبْنيَ الْحَساسينُ مِنْ أَضْلُعي
دَرَجاً لِلسَّماءِ الْقَريبَةِ. غَنّي فُروسِيَّةَ الصّاعِدينَ إلى
حَتْفِهِمْ قَمَراً قَمَراً في زُقاقِ الْعشيقَةِ. غَنّي طُيورَ الْحَديقَة
حَجَراً حَجَراً. كَمْ أُحِبُّكِ أَنْتِ التَّي قَطَّعْتِني
وَتَراً وَتَراً في الطَّريقِ إلى لَيْلِها الْحارِّ , غَنّي
لا صَباحَ لِرائِحةِ الْبُنِّ بَعْدَكِ, غَنّي رَحيلي
عَنْ هَديلِ الْيَمامِ على رُكْبَتَيْكِ وَعَنْ عُشِّ روحي
فِي حُروفِ اسْمِكِ السَّهْلِ, غَرْناطَةٌ لِلْغِناءِ فَغَنّي
لِيَ خَلْفَ السَّماءِ سَماءٌ لأَرْجِعَ ، لكنَّني
لَا أَزالُ أُلَّمعُ مَعْدَنَ هذا الْمَكان ، وَأَحْيا
ساعَةً تُبصِرُ الْغَيْبَ . وأَعرِفُ أنَّ الزَّمانْ
لا يُحالِفُني مَرَّتَيْن ، وَأَعرِفُ أَنّي سأَخرُجُ مِنْ
رايَتي طائِراً لا يَحِطُّ على شَجَرٍ فِي الْحَديقَةْ
سَوفَ يَهْبطُ بَعْضَ الْكَلام عَنِ الحُبِّ في
شِعْرِ لوركا الّذي سَوفَ يَسْكُنُ غُرفَةَ نَوْمي
وَيَرى ما رَأيتُ مِنَ الْقَمَرِ الْبَدَويِّ . سَأَخْرُجُ مِنْ
شَجَرِ اللَّوْزِ قُطناً على زَبَدِ . مَرَّ الغَريبْ
حَامِلاً سَبْعَمائَةِ عامٍ مِنَ الْخَيْلِ . مَرَّ الْغَريبْ
ههُنا ، كيْ يَمْرَّ الْغَريبُ هناك . سَأخرُجُ بَعْدَ قَليل
مِنْ تَجاعيدِ وَقتي غَريباً عَنِ الشَّامِ وَ الأَنْدَلُسْ
هذهِ الأَرضُ لَيْستْ سَمائي ، ولَكِنَّ هذا الْمَساءُ مَسائي
وَ المفاتيحَ لي ، وَ الْمآذِنَ لي ، وَ الْمصَابيحَ لي ، وأَنا
لِيَ أيْضاً . َأَنا آدَمُ الْجَنَّتَيْنِ ، فَقدتُهُما مَرَّتَينْ
فَاطرُدوني على مَهَلٍ ،
وَ اقْتُلوني على عَجَلٍ ،
تَحْتَ زَيْتونَتي ،
مَعَ لوركَا
..
...وأَنا واحِدٌ مِنْ مُلوكِ النِّهايَة...أَقْفِزُ عَنْ
فَرَسي في الشِّتاءِ الأَخيرِ, أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ الأَخيرَةْ
لاَ أُطِلُّ على الآسِ فَوْقَ سُطوحِ الْبُيوتِ, ولا
أَتَطلَّعُ حَوْلي لِئَلا يَراني هُنا أَحَدٌ كانَ يَعْرِفُني
كانَ يَعْرِفُ أَنّي صَقَلْتُ رُخامَ الْكَلامِ لِتَعْبُرَ امْرأَتي
بُقَعَ الضَّوْءِ حافِيَةً, لا أُطِلُّ على اللَّيْلِ كَيْ
لا أَرى قَمَراً كانَ يُشْعِلُ أسْرارَ غَرْناطَةٍ كُلَّها
جَسَداً جَسَداً. لا أُطِلُّ على الظِّلِ كَيْ لا أَرى
أَحَداً يَحْمِلُ اسْمي وَيَرْكُضُ خَلْفي : خُذِ اسْمَكَ عَنّي
وَاعْطِني فِضَّةَ الْحَوْرِ. لا أَتلَفَّتُ خَلْفي لِئلا
أَتَذَكَّرَ أَنّي مَرَرْتُ على الأَرْضِ, لا أَرْضَ في
هذهِ الأَرْضِ مُنْذُ تَكَسَّرَ حَوْلي الزَّمانُ الشَظايا
لَمْ أَكُنْ عَاشِقاً كَيْ أُصَدِّقَ أَنَّ الْمِياهَ مَرايا
مِثْلَما قُلْتُ لِلأَصْدِقاءِ الْقُدامى, ولا حُبَّ يَشْفَعُ لي
مُذْ قَبِلْتُ ((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ)) لَمْ يَبْقَ لي حاضِرٌ
كَيْ أَمُرَّ غَداً قُرْبَ أَمْسي. سَتَرْفَعُ قَشْتالَةُ
تاجَها فَوْقَ مِئْذَنَةِ اللهِ. أَسْمَعُ خَشْخَشَةً لِلْمَفاتيحِ في
بابِ تاريخنا الذَّهَبيِّ, وَداعاً لتِاريخنا, هَلْ أَنا
مَنْ سَيُغْلِقُ باب السَّماءِ الأخيرَ؟ أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ
الأَخيرَةْ
ذاتَ يَوْمٍ سأجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ ... رّصيفِ الْغَريبَة
لَمْ أَكُنْ نَرْجِساً ، بَيْدَ أَنّي أُدافِعُ عَنْ صُورَتي
في الْمَرايا. أَما كُنْتَ يَوْماً ، هُنا ، يا غَريبْ ؟
خَمْسُمائَةِ عامٍ مَضى وَانْقَضى ، وَالْقَطيعَةُ لَمْ تَكْتَمِلْ
بَيْنَنا ، هاهُنا ، والرَّسائِلُ لَمْ تَنْقَطِعْ بَيْنَنا ، وَالْحُروبْ
لَمْ تُغَيِّرْ حَدائِقَ غَرْناطَتي . ذاتَ يَوْمٍ أَمُرُّ بِأَقْمارِها
وَأَحُكُّ بِلَيْمونةٍ رَغْبَتي ... عانِقيني لأُولَدَ ثانِيَةً
مِنْ رَوائِحِ شَمْسٍ وَنَهْرٍ على كَتِفَيْكِ ، وَمِنْ قَدَمَيْنْ
تَخْمُشانِ الْمَساءَ فَيَبْكي حَليباً لِلَيْلِ الْقَصيدَةْ ..
لَمْ أَكُنْ عَابِراً في كَلامِ المُغَنّين ... كُنْتُ كَلامَ
المُغَنّينَ ، صُلْحَ أَثينا وَفارِسَ ، شَرْقاً يُعانِقُ غَرْباً
في الرَّحيلِ إلى جَوْهَرٍ واحِدٍ . عانِقيني لأُولَدَ ثانِيةً
مِنْ سُيوفٍ دِمَشْقِيَّةِ في الدَّكاكينِ . لَمْ يَبْقَ منّي
غَيْرُ دِرْعي الْقَديمَةِ ، سَرْجِ حِصاني الْمُذَهَّبِ . لَمْ يَبْقَ مِنّي
غَيْرُ مَخْطوطةٍ لاِبْنِ رُشْدٍ ، وَطَوْقِ الْحَمامَةِ ، والتَّرْجَمات ...
كُنْتُ أَجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ على ساحَةِ الأُقْحُوانَة
وأَعُدُّ الْحَماماتِ: واحِدةً، اثْنَتَيْنِ، ثَلاثينَ ... وَالْفَتَياتِ
اللَّواتي
يَتَخاطفْنَ ظِلَّ الشُّجَيْراتِ فَوْقَ الرُّخامِ ، وَيَتْرُكْنَ لي
وَرَقَ الْعُمْرِ ، أَصْفَرَ . مَرَّ الْخَريف عليَّ وَلَمْ أَنْتَبِهْ
مَرَّ كُلُّ الْخَريفِ ، وَتاريخُنُا مَرَّ فَوْقَ الرَّصيفِ ...
وَلَمْ أَنْتَبِهْ
!
لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ وَالثَّلْجُ أَسْوَدُ فَوْقَ مَدينَتِنا
لَمْ نَعُدْ قادِرينَ على الْيَأْسِ أَكْثَرَ مِمّا يَئِسْنا, وَالنِّهايَةُ
تَمْشي إلى
السّورِ واثِقَةً مِنْ خُطاها
فَوْقَ الْبَلاطِ الْمُبَلَّلِ بِالدِّمْعِ, واثِقَةً مِنْ خُطاها
مَنْ سَيُنْزِلُ أَعْلامَنا: نَحْنُ, أَمْ هُمْ ؟ وَمَنْ
سَوْفَ يَتْلو عَلَيْنا((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ)), يا مَلِكَ الاحْتِضار؟
كُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ لَنا سَلَفًا, مَنْ سَيَنْزِعُ أَسْماءَنا
عَنْ هُوِيَّتِنا: أَنْتَ أَمْ هُمْ؟ وَمَنْ سَوْفَ يَزْرَعُ فينا
خُطْبَةَ التّيهِ: (( لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَفُكَّ الْحِصار
فَلْنُسَلِّمْ مَفاتيحَ فِرْدَوْسِنا لِوَزيرِ السَّلامِ, وَنَنْجو...))
لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ, كانَ الشِّعارُ الْمُقَدَّسُ سَيْفاً لَنا
وَعَلَيْنا, فَماذا فَعَلْتَ بقَلعَتِنا قَبْلَ هذا النَّهار؟
لَمْ تُقاتِلْ لأَنَّكَ تَخْشى الشَّهادَةَ, لكِن عَرْشَكَ نَعْشُكْ
فاحْمِلِ النَّعْشَ كَيْ تَحْفَظَ الْعَرْشَ, يا مَلِكَ الاْنتِظار
إِنَّ هذا السَّلام سَيَتْرُكُنا حُفْنَةً مِنْ غُبار...
مَنْ سَيَدْفِنُ أَيّامَنا بَعْدَنا: أَنْتَ...أَمْ هُمْ؟ وَمَنْ
سَوْفَ يَرْفَعُ راياتِهِمْ فَوْقَ أَسْوارِنا: أَنْتَ ...أَمْ
فارِسٌ يائِسٌ؟ مَنْ يُعَلِّقُ أَجْراسَهُمْ فَوْقَ رِحْلَتِنا
أَنْتَ...أَمْ حارِسٌ بائِسٌ؟ كُلُّ شَيّءٍ مُعَدٌّ لَنا
فَلِماذا تُطيلُ التَّفاوُضَ, يا مَلِكَ الاحْتِضارْ؟
بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة ؟
مَن أَنا بَعدَ ليلِ الغَريبةِ ؟
أَنهَضُ مِنْ حُلُمي
خَائِفاً مِنْ غُموضِ النَّهار عَلى مَرْمَرِ الدّارِ ، مِنْ
عَتْمَةِ الشَّمسِ في الْوَرْدِ ، مِنْ مَاءِ نَافورَتيِ
خَائِفاً مِنْ حَليبٍ عَلى شَفَةِ الْتّين ، مِنْ لُغَتي
خَائِفاً ، مِنْ هَواءٍ يُمَشِّطُ صَفْصَافَةً خَائِفاً ، خَائِفاً
مِنْ وُضوحِ الْزَّمانِ الكَثيفِ ، وَمِنْ حَاضِرٍ لَمْ يَعُدْ
حَاضِراً ، خَائِفاً مِنْ مُروري على عَالمٍ لَمْ يَعدْ
عَالمي . أَيُّها اليَأس كُنْ رَحْمَةً . أَيُّها الْمَوْتُ كُنْ
نِعمَةً للغَريبِ الَّذي يُبصِرُ الْغَيْبَ أَوضَحَ مِنْ
وَاقِعٍ لَمْ يَعُدْ واقِعاً . سَوْفَ أَسقُطُ مِنْ نَجمَةٍ
فِي السَّماءِ إلى خَيْمَةٍ فِي الطَّريقِ ... إلى أَيْن ؟
أَيْنَ الطَّريقُ إلى أيِّ شيءٍ ؟ أرى الْغَيْبَ أَوضَحَ مِنْ
شارعٍ لَمْ يَعُدْ شارِعي . مَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةْ ؟
كُنتُ أَمْشي إلى الذّات في الآخَرينَ ، وَها أَنَذا
أَخسَرُ الذّاتَ والآخَرينَ . حِصَاني على سَاحِلِ الأَطلَسيَّ اخْتَفى
وَحِصاني على ساحِلِ المُتَوَسِّطِ يُغْمِدُ رُمْحَ الصَّليبيِّ فيّ
مَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةِ . لا أَستَطيعُ الرُّجوعَ إلى
إخوَتي قُرْبَ نَخْلَةِ بَيْتي القَديم ، ولا أَستَطيعُ النُّزولَ إلى
قَاع هاويَتي . أَيُّها الْغَيْبُ ! لا قَلْبَ لِلْحُبِّ ... لا
قَلْبَ لِلْحُبِّ أَسْكُنُهُ بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ؛ قَدْ وَصَلَ الْفاتِحون
وَمَضى الْفاتِحون الْقُدامى. مِنَ الصَّعْبِ أَنْ أَتَذَكَّرَ وَجْهي
في الْمَرايا. فَكُنْ أَنْتَ ذاكِرَتي كَيْ أَرى مافَقَدْت...
مَنْ أَنا بَعْدَ الرَّحيلِ الْجَماعِيَّ؟ لي صَخْرَةٌ
تَحْمِلُ اسْمِيَ فَوْقَ هِضابٍ تُطِلُّ على ما مَضى
وانْقَضى...سَبْعُمائَةِ عامٍ تُشَيِّعُني خَلْفَ سُورِ المَدينَة...
عَبَثاً يَسْتَديرُ الزَّمانُ لأُنقِذَ ماضِيَّ مِنْ بُرْهَةٍ
تَلِدُ الآنَ تاريخَ مَنْفايَ فِيَّ... وَفي الآخَرين...
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ, قَدْ وَصَلَ الْفاتِحون
وَمَضى الْفاتِحونَ القُدامى جَنوباً شُعوباً تُرَمِّمُ أَيّامَها
في رُكامِ التَّحَوُّلِ: أَعْرِفُ مَنْ كُنْتُ أَمْس, فَماذا أَكُونْ
في غَدٍ تَحْتَ رَاياتِ كولومبسَ الأَطْلَسِيَّةِ؟ كُنْ وَتَراً
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْمَاءُ. لامِصْرَ في مِصْرَ, لا
فاسَ في فاسَ, وَالشّامُ تَنْأَى. لا صَقْرَ في
رايَةِ الأَهْلِ, لانَهْرَ شَرْقَ النَّخيلِ الْمُحاصَرْ
بِخُيولِ الْمَغولِ السَّريعَةِ. في أيِّ أَنْدَلُسٍ أَنْتَهي؟ هاهُنا
أمْ هُناكَ؟ سأَعْرِف أَنّي هَلَكْتُ وأَنّي تَركْتُ هُنا
خَيْرَ مافِيَّ: ماضِيَّ. لَمْ يَبْقَ لي غَيْرُ جيتارتي
كُنْ لِجيتارَتي وَتراً أَيُّها الْماءُ. قَدْ ذَهَبَ الْفاتِحون
وَأَتى الْفاتِحون...
في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أَحِبُّكِ أَكْثَر ، عَمّا قَليْلْ
تُقْفِلينِ المَدينَةَ . لا قَلْبَ لي في يَديكِ ، وَلا
دَرْبَ يَحمِلُني ، في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أُحِبُّكِ أَكْثَرْ
لا حَليبَ لِرُمّانِ شُرفَتِنا بَعْدَ صَدْرِكِ . خَفَّ النَّخيلْ
خَفَّ وَزنُ التِّلال ، وَخَفَّتْ شَوارِعُنا في الأَصيلْ
خَفَّتِ الأرضُ إذْ وَدعَتْ أَرضَها . خَفَّتِ الْكَلِمات
والْحِكَاياتُ خَفَّت على دَرَجِ اللَّيل . لَكِنَّ قَلْبي ثَقيلْ
فَاترُكيهِ هُنا حَولَ بَيْتكِ يَعوي وَيَبكي الزَّمانَ الْجَميلْ ،
لَيْسَ لي وَطَنٌ غَيْرَهُ ، في الرَّحيل أُحِبُّكِ أَكْثَرْ
أُفْرِغُ الرّوح مِنْ آخِر الْكَلِمات : أُحِبُّكِ أَكْثَر
في الرَّحيلِ تَقودُ الْفَراشاتُ أَرواحَنا ، في الرَّحيلْ
نَتَذَكَرُ زِرَّ الْقَميصِ الّذي ضاعَ مِنّا ، وَنَنْسى
تاجَ أَيامِنا ، نَتَذَكَرُ رائِحَةَ الْعَرَقِ الْمِشمِشيِّ ، وَنَنْسى
رَقصَةَ الْخَيْلِ في لَيْلِ أَعْراسِنا ، في الرَّحيلْ
نَتَساوى مَعَ الطَّيْر ، نَرْحَمُ أَيامَنا ، نَكتَفي بِالْقَليلْ
أَكتَفي مِنْكِ بالْخَنْجَرِ الذَّهبيِّ يُرَقِّصُ قَلْبي الْقَتيلْ
فاقْتُليني ، على مَهَلٍ كَيْ أَقولَ : أَحِبُّكِ أَكْثَرَ مِمّا
قُلْتُ قَبْلَ الرَّحيلِ الْكَبير . أُحِبُّكِ . لا شَيءَ يوجِعُني
لا الْهَواءُ ، وَلا الْماءُ ... لا حَبَقٌ فِي صَباحِكِ ، وَلا
زَنْبَقٌ في مَسائِكِ يوجِعُني بَعْدَ هذا الرَّحيلْ ...
لا أُريدُ مِنَ الْحُبِّ غَيْرَ الْبِدايَةِ, يَرْفو الْحَمام
فَوْقَ ساحاتِ غَرْناطَتي ثَوْبَ هذا النَّهار
في الْجِرارِ كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ لِلْعيدِ مِنْ بَعْدِنا
في الأَغاني نَوافِذُ تَكْفي وَتَكْفي لِيَنْفَجِرَ الْجُلَّنار
أَتْرُكُ الْفُلَّ في الْمَزهَرِيَّةِ, أَتْرُكُ قَلْبي الصَّغير
في خِزانَةِ أُمِّيَ, أَتْرُكُ حُلْمِيَ في الْماءِ يَضْحَك
أَتْرُكُ الْفَجْرَ في عَسَلِ التّين, أَتْرُكُ يَوْمي وأَمْسي
في الْمَمَرِّ إلى ساحَةِ الْبُرْتُقالَةِ حَيْثُ يَطيرُ الْحَمام
هَلْ أَنا مَنْ نَزَلْتُ إلى قَدَمَيْكِ, لِيَعْلُوَ الْكَلام
قَمَراً في حَليبِ لَياليكِ أَبْيَضَ... دُقّي الْهَواء
كَيْ أَرى شارِعَ النّايِ أَزْرَقَ... دُقِّي الْمَساء
كَيْ أَرى كَيْفَ يَمْرَضُ بَيْني وَبَيْنَكِ هذا الرُّخام.
الْشَّبابيكُ خالِيَةٌ مِنْ بَساتينِ شالِكِ. في زَمَنٍ
آخَرٍ كُنْتُ أَعْرِفُ عَنْكِ الْكَثيرَ, وَ أَقْطُفُ غاردينيا
مِنْ أَصابِعِكِ الْعَشْرِ. في زَمَنٍ آخَرٍ كانَ لي لُؤْلُؤٌ
حَوْلَ جِيدكِ, وَاسْمٌ على خاتَمٍ شَعَّ مِنْهُ الظَّلام
لا أُريدُ مِنَ الْحُّبِ غَيْرَ الْبِدايَةِ, طارَ الْحَمام
فَوْقَ سَقْفِ السَّماءِ الأَخيرةِ, طارَ الْحَمامُ وَطار
سَوْفَ يَبْقى كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ. مِنْ بَعْدِنا, في الْجِرار
وَقَليلٌ مِنَ الأَرْضِ يَكْفي لِكَيْ نَلْتَقي, وَيَحُلَّ السَّلام.
الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على زَمَنٍ ضائِعٍ لا يَعودْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على وَطَنٍ قَدْ يَعودْ
الكَمَنجاتُ تُحْرِقُ غَاباتِ ذاكَ الظَّلامِ الْبَعيد الْبَعيدْ
الكَمَنجاتُ تُدْمي الْمُدى ، وَتَشُمُّ دَمي في الْوَريدْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ خَيْلٌ على وَتَرٍ مِنْ سَراب ، وَماءٍ يَئِنُ
الكَمَنجاتُ حَقْلٌ مِنَ اللَّيْلَكِ الْمُتَوَحِّشِ يَنْأى وَيَدنو
الكَمَنجاتُ وَحشٌ يُعَذِّبُهُ ظُفْرُ إمْرأةٍ مَسَّهُ ، وَابتَعَدْ
الكَمَنجاتُ جَيْشٌ يُعَمِّرُ مَقْبَرَةً مِنْ رُخاَمٍ وَمِنْ نَهَوَنْدْ
الكَمَنجاتُ فَوْضى قُلوب تُُُُجَنِّنُها الرِّيحُ في قَدَمِ الرَّاقِصةْ
الكَمَنجاتُ أْسْرابُ طَيْرٍ تَفِرُّ مِنَ الرَّايَةِ النَّاقِصَةْ
الكَمَنجاتُ شَكوى الْحَرير المُجَعَّدِ في لَيْلَةِ الْعَاشِقَِةْ
الكَمَنجاتُ صَوْتُ النَّبيذِ الْبَعيدِ على رَغْبَةٍ سابِقَةْ
الكَمَنجاتُ تَتْبَعُني ، ههُنا وَهُناكَ ، لِتَثْأرَ مِنِّي
الكَمَنجاتُ تَبْحَثُ عَنِّي لِتَقْتُلَني، أَيْنَما وَجَدَتْني
الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ
قصيدة
فى ظلال الصمت
للأستاذة
ثريا نبوي
من قطوف الذّكرياتْ
في الليالي الحالكاتْ
صَهْ حشودَ الذَّاهلينْ
تلك أنخابُ الأُلَى
اختاروا نبيذَ الرَّاغمِينْ
مِن كُرومِ العابثينْ
ثُمَّ يُضنينا
الحَنينْ؛
نحسَبُ التاريخَ طقسًا
مِن طقوسِ الراقصينْ
آن تُشجينا اعتذاراتٌ
على رَجْعِ الأنينْ
بين أصداءِ المسافاتِ
التي ذابت
مع الشوقِ المُحنَّى من
دموعِ النَّادمينْ
ها هُنا كُنَّا؛
ولكنَّا!!!
ولكنَّا قتلنا
الفاتحينْ
وانحنتْ فينا السنينْ
تزرعُ الحِقدَ الدفينْ
ضاعَ مِنَّا خيلُ
“بِرْباطٍ”وأسوارٌ تعالت
حولَ مجدِ العارفينْ؛
دربَهم نحو السماءْ
عمَّدوا الحُلمَ
المُقدَّسْ
تحت شمسِ الحقِّ
واسْتَلُّوا الولاءْ
ثُمَّ تاهَ الإخوةُ
الأعداءُ وانداحت متاهاتُ الهَباءْ
سَلَّموا السَّجانَ
أحلامَ ابنِ زيدونَ
استباحوا الفجرَ أطفاهُ
الغيابْ…
= = =
قصةُ التّفريطِ تُخفيها
دواليبُ الطمعْ
ثُمَّ تَذروها
المفاتيحُ التي أَودَتْ بعرشِ التَّائهينْ
في مساراتِ الوجَعْ
حيث يُفنَى ما تَبَقّى
من أمانينا المُدانةْ
تحت أقدامِ الخيانةْ
ثمَّ تَعلوها المهانةْ
حينَ تَستَغشي المساجدْ
في بلادِ الوارثينَ
المجدَ.. قُدَّاسًا
صداهـْ
ينبِشُ التاريخَ
بالآهاتِ..آهـْ
إنَّهُ الماضي
المُحاصَرْ
في دهاليزِ الهروبْ
حينَ تُشقيه الهَزائِمْ
والغروبْ
آهِ.. والواقعُ أمسى
يرتدي ثوبَ الذهولْ
والمدَى حُلْمٌ يضيقْ
يكتسي لونَ الذّبولْ؛
ما يُسَمَّى –خِدعةً- صمْتُ
الفصولْ
حيث ما زالت تُوارَى
في ظلالِ الصمتِ أنوارُ
الوصولْ
أو يُغذّيها السَّرابْ…
= = =
حين تستجلي المَرايا
دمعةَ السّاري بلا صُبحٍ يَبينْ؛
تسألُ النَّجْمَ
الحزينْ
عن طنينِ الرَّاحلينْ
عن مُناجاةِ المَغاني
في عيونِ النَّازحينْ
والمباءاتِ التي باتت
مَغاراتِ الفَرَقْ؛
قَيْدَ أسرارٍ أُريقَت
في فضاءاتِ الغَسَقْ
والنَّوايا في أَتونِ
الشَّكِّ تُكوَى..تُختَرَقْ
تُسلِمُ التوحيدَ
للجَلْدِ المُشينْ
كيف مرَّتْ من هنا شمسُ
الأصيلْ؟
ودَّعَتْ شَطًّا
مُدَمًّى بابتهالاتِ الرحيلْ
حين يُذكي المِلحُ في
الجُرحِ الصَّهيلْ
كيفَ.. كيفَ.. اجتاحَهم
مَوجُ الغَليلْ؟
بيْدَ أنَّ النَّجْمَ
أعياهُ الجَوابْ…
= = =
وانكفا الماضي على ظهرِ
المِجَنّْ
بينما وَلاَّدةٌ مِن
بين أمواجِ المِحَنْ؛
حاورَت طيفَ الشَّجَنْ:
هل سنَبقى نرقُبُ
الحُلمَ المُسَجَّى في أخاديدِ الزّمَنْ؟
فاسكُبِ الدمعَ
المُسَهَّدْ
وتَطهَّرْ وتَقَلَّدْ
مِن خيولِ العِزِّ
مِقْوَدْ
يَدْنُ فجرٌ قد تمرَّدْ
ينضُ عن ليلِ المنافي
ما تجعَّدْ
مِن أمانيّ الشروقْ
يومَها تغدو تراتيلُ
الحَبَقْ
مِن صدى أنفاسِنا
عَبْرَ الطريقْ
لو دَنا طيرُ المُنى؛
يُسقى سُلافاتِ الإيابْ
الفردوس المفقود
في رثاء الأندلس
للشاعر السوداني
محمد أحمد المحجوب
نزلت شطك بعد البين ولهانا
فذقت فيك من التبريح ألوانا
وسرت فيك غريبا ظل سامره
داراً وشوقاٍ وأحباباً واخواناً
فلا اللسان لسان العرب نعرفه
ولا الزمان كما كنا وما كانا
ولا الخمائل تشجينا بلابلها
ولا النسيم سقاه الطل يلقانا
ولا المساجد يسعى في ماذنها
مع العشيات صوت الله ريانا
كم فارس فيك أوفى المجد شرعته
وأورد الخيل وجداناً وشطآنا
وشاد للعرب أمجاداً مؤثلة
دانت لسطوته الدنيا وما دانا
وهلهل الشعر زفزافاً مقاطعه
وفجّر الروض أطيافاً وألحانا
يسعى إلى الله في محرابه ورعاً
وللجمال يمد الروح قربانا
لم يبق منك سوى ذكرى تؤرقنا
وغير دار هوىً أصغت لنجوانا
أكاد أسمع صوت واجفة
من الرقيب تمنى طيب لقيانا
الله أكبر هذا الحسن اعرفه
ريان يضحك أعطافاً وأجفانا
أثار فيّ شجوناً كنت أكتمها
عفاً وأذكر وادي النيل هيمانا
فللعيون جمال سحره قدر
وللقدود اباء يفضح البانا
فتلك دعد سواد الشعر كللها
أختي لقيتك بعد الهجر أزمانا
أختي لقيت لكن أين سامرنا
في السالفات ؟فهذا البعد أشقانا
أختي لقيت ولكن ليس تعرفني
فقد تباعد بعد الهجر دعوانا
طفنا بقرطبة الفيحاء نسألها
عن الجدود وعن أثار مروانا
عن المساجد قد طالت منائرها
تعانق السحب تسبيحاً وعرفانا
وعن ملاعب كانت للهوى قدسا
وعن مسارح حسن كن بستانا
أبو الوليد تغنى في مرابعها
وأجج الشوق نيرانا ً وأشجانا
فما تغرب إلا عن ديارهم
والقلب ظل بذلك الحب ولهانا
قد هاج منه هوى ولادة شجناً
برحاً وشوقاً وتغريداً وتحنانا
أبو الوليد اعنّى ضاع تالدنا
وقد تناوح أحجاراً وجدرانا
هذي فلسطين كادت والوغى دول
ٌ تكون أندلساً أخرى وإحزانا
كنا سراة تخيف الكون وحدتنا
واليوم صرنا لأهل الشرك عبدانا
نغدو على الذل أحزابا مفرقة
ونحن كنا لحزب الله فرسانا
رماحنا في جبين الشمس مشرعة
والأرض كانت لحزب الله ميدانا
أبا الوليد عقدنا العزم أن لنا
في غمرة الثار ميعاداً وبرهانا
الجرح وحدنا والثأر جمعنا
للنصر فيه إرادات ووجدانا
لهفي على القدس في البأساء دامية
نفديك يا قدس أرواحا ً وأبدانا
سنجعل الأرض بركاناً نفجره
في وجه باغ ٍِ يراه الله شيطانا
وينمحي العار في شمس الضحى ..
فنرى .. أن العروبة تبني مجدها الآنا