الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014

غالب بك غلاب: من شندويل إلى الخرطوم، تاريخ مشرف في خدمة الوطن

غلاب بك الأنصاري من جبال صعيد مصر



غالب بك غلاب: من شندويل إلى الخرطوم، تاريخ مشرف في خدمة الوطن


في قلب صعيد مصر، حيث تنبض الأرض بعراقة الأنساب وأصالة التاريخ، تبرز شخصياتٌ تركت بصمتها على صفحات الوطن. غالب بك صديق أبو شافعين المعبدي الأنصاري، أحد أعلام قبيلة المعابدة، مثالٌ حيٌ على الشجاعة والقيادة. من شندويل البلد بمحافظة سوهاج، انطلق في رحلةٍ مليئةٍ بالعطاء، تكللت بخدمته في الجيش المصري بالسودان، حيث حظي بتقديرٍ شعبيٍ واسع.

في هذا المقال، نُبحر في تفاصيل حياته المشرقة، نستكشف إرثه، ونتأمل أثره الذي لا يزال حاضرًا في الذاكرة والوجدان.

نسبة ونشأته:


هو الأميرالاي محمد بن غالب (غلاب) بن عثمان بن صديق بن غلاب بن أبو بكر بن بكري بن عبادة بن شافعين المعبدي الأنصاري، من ذرية عبادة بن أبي بكر، عبادة بن محمد بن عبد الله بن عبادة بن أفلح الأنصاري بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن قيس بن سعد بن عبادة (رضي الله عنهم)، الخزرجي الأنصاري. وهو شقيق عبد الرحيم بك غلاب، أول ناظر للمدرسة الأميرية بسوهاج، سليل عائلة الشفاعنة الأنصار في شندويل البلد، محافظة سوهاج، من المعابدة، من ذرية الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه.

وُلد محمد بك غلاب في مطلع سبعينيات القرن التاسع عشر الميلادي، وكان منذ نعومة أظافره يتمتع بذكاء حاد وطموح عالٍ، حيث اتجه نظره إلى الجيش في وقت لم يكن فيه لأبناء المصريين مكان بارز، إذ كانت الأولوية لأبناء الشراكسة والأتراك. ومع ذلك، تقدم للالتحاق بالجيش المصري حاملًا روح الثورة العرابية (1870-1882م)، التي كانت بقيادة ناظر الجهادية "أحمد عرابي" وكان أحد رمور قريتة شندويل وأعيانها السيد/ سليمان الجندي من ضباط فرقة عرابي وقد عزل بعد الثورة العرابية. 


قائد الثورة العرابي
أحمد عرابي


كان ذلك في وقت ساء فيه حال الجيش من ضعف وقلة العدد، واضطهاد للمصريين وتأخر ترقياتهم عمدًا مقارنة بالضباط الشراكسة والأتراك المتوغلين في المناصب الأكثر تأثيرًا. كما كان بسبب تهاون الخديوي "توفيق" في التدخل الأجنبي السافر بشؤون البلاد من قبل إنجلترا وفرنسا. وكان أحد أهداف الثورة العرابية أن يكون جيش مصر لأبناء مصر، وزيادة عدد أفراد الجيش من اثني عشر ألفًا إلى ثمانية عشر ألفًا، حتى يمكن تأمين البلاد.

وقد نجح محمد غالب عثمان صديق في أن يكون من بين طلاب المدرسة العسكرية، حيث نبغ وأظهر تفوقه وتخرج برتبة ملازم عام 1890م. تأثر بهذه الروح الوطنية، فعمل على أن يكون نموذجًا مشرفًا للقيادة الوطنية داخل الجيش المصري، ونجح في ذلك بفضل شجاعته وتحمله المسؤولية عبر العصور، بداية من عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، ثم السلطان حسين كامل، ثم الملك فؤاد الأول، الذي حكم مصر من 1917-1936م، ولقب بـ "سيد النوبة وكردفان ودارفور".

هكذا كان غلاب بك حتى أصبح قمة هرم القيادة للجيش المصري في السودان، ولا يعلوه إلا السيرلي ستاك، الممثل للتاج البريطاني، الذي كانت تدين له السلطة المصرية بالولاء في ذلك الوقت.



وقد اشتهر غلاب بك بين جنود وأبناء الشعب السوداني الشقيق، حيث يوجد حتى الآن شارع غلاب بك في الخرطوم، شاهدًا على تاريخه الحافل. وفي عام 1923، حصل على لقب "البكاوية" من الملك فؤاد الأول، الذي أصدر قانونًا رسميًا ينظم منح الألقاب للشخصيات المصرية. وتُمنح عادة للموظفين الذين لا يقل مرتبهم عن 1200 جنيه في السنة، وللأعيان المصريين الذين قاموا بخدمات للبلاد. ويُلقب حاملها بلقب "حضرة صاحب العزة". عاد هو وجنوده المصريون إلى المحروسة بعد حادثة اغتيال السير لي ستاك، وبقي فيها حتى تقاعد عن العمل برتبة لواء. توفي رحمة الله عليه في عام 1934م، وتخليدًا لذكراه، أُطلق اسم محمد بك غالب على أحد شوارع العباسية.

كان رحمه الله شديد الانتماء لوطنه مصر، وشديد الانتماء لبلدته الصغيرة شندويل البلد، فبنى له فيها قصرًا مهيبًا لا يزال قائمًا حتى الآن.

قصر غلاب بك:

هذه صورة تبلغ من العمر أكثر من 100 عام لقصر غلاب بك آل صديق أبو شافعين الأنصاري، الذي يقع غرب قرية شندويل البلد، من ناحيتيه القبلية والخلفية، مما يلي حديقة القصر في موسم الفيضان. ولا يجاوره أية مبانٍ من ناحية القبلية في الأرض المغمورة بالماء، وهي أراضي ملك المرحوم الحاج علي صالحين أبو شافعين الأنصاري. وعليها شُيد فيما بعد منزل المرحوم إبراهيم عبد العال صالحين أبو شافعين الأنصاري، ومنزل المرحوم أحمد عبد العال علي صالحين أبو شافعين الأنصاري، ومنزل المرحوم الحاج محمود أحمد علي صالحين أبو شافعين الأنصاري. كما تحتوي على المساحات التي كانت مخصصة للجرون، والتي كانت تسمى "الردمة"، التي شُيد بها أيضًا منزل المرحوم علي عبد الرحمن علي صالحين أبو شافعين الأنصاري. ولا تزال حتى الآن الكثير من منازل أبناء عمومة غلاب بك في تلك المنطقة.

صورة لقصر غلاب بك الشندويلي

كما يظهر على يمين الصورة مقام الشيخ حريز، مرتفعًا عن الأرض بحوالي 7 درجات، وهو الآن يهبط إليه بدرجتين، مما يظهر كم الردم الذي تعرضت له المنطقة بعد بناء السد العالي. هذا القصر يعد من أهم آثار شندويل، وهو القصر الوحيد بين قصورها المبني على طراز معماري أندلسي فريد.

وكان لغلاب بك رحمه الله من الأراضي في شندويل ما يقدر بنحو 90 فدانًا في أحواض مختلفة، كما ذكر في مذكراته نسبه وأفرع قبيلته، وانتقد عصره في عدم الاهتمام بتسجيل الأنساب وتتبع أفرعها. ومن مواقفه التي تدل على ذكائه وانتمائه، موقف رواه لنا الأستاذ الفاضل الأمجد الشندويلي، حيث عندما نظم محمود باشا الشندويلي احتفالًا مهيبًا للملك فؤاد الأول على نفقته الخاصة، وعند دخول الملك برفقة غلاب بك، لاحظ غلاب بك أن الملك يعتقد أن من نظم الحفل هم القائمون على مديرية جرجا (محافظة سوهاج حاليًا). فأوضح للملك أن الذي نظم الحفل المهيب هو بلدياته محمود باشا الشندويلي.

عن حياته الاجتماعية والأسرية:

تزوج غلاب بك من السيدة الفاضلة زكية، نجلة محمود باشا توفيق، كبير الياوران للخديوي عباس حلمي الثاني آنذاك، وكان منزل الزوجية الأول بجوار مسجد السيدة زينب بالقاهرة. وأنجب منها ثلاث ذكور وثلاث إناث هم:


كبير الياوران الخديوي عباس حلمي الثاني
محمَد باشا توفيق

▪️الدكتور سيد غلاب بك، والد كل من سميرة هانم، زوجة اللواء يحيى زكي صالح في الجيش المصري، وسعدية هانم، زوجة العميد محمد كمال السيد، مأمور شرطة من مركز المنشاة بسوهاج.


الدكتور سيد غلاب برفقه والده

▪️أبو بكر غلاب بك، والد كل من العميد محمد أبو بكر غالب بالجيش المصري، والسيدة بثينة أبو بكر غالب، زوجة أبو العزايم بيك السيد باشا محمود باشا الشندويلي.

▪️محمود غلاب بك، وتزوج ابنة عمه السيدة حميدة عبد الرحيم بيك غلاب، وأنجب منها حلمي وحمدي ومحمود.

▪️السيدة نفيسة غلاب بك، زوجة المرحوم حسين بيك الحويج من قبيلة جهينة، وأنجب منها كمال، مدير مدرسة المعلمات، وعصام من أعيان جهينة في ذلك الوقت، ومحمود بالإذاعة والتلفزيون، ومصطفى من أعيان جهينة.



▪️السيدة فاطمة، زوجة الأستاذ محمد أفندي عبد الرحيم بك غلاب.

▪️السيدة زينب، زوجة المرحوم أحمد الباجي من أعيان مركز المنشاة بسوهاج، والد اليوزباشي كمال أحمد الباجي.


اليوزباشي كمال أحمد الباجي.


عن شقيقه عبد الرحيم بك غلاب:

أول ناظر للمدرسة الأميرية بسوهاج، وله من الأولاد: محمد أفندي عبد الرحيم بك غلاب، وزينب زوجة الحاج أحمد صديق، والسيدة فاطمة زوجة الحاج محمد عبد الحميد النوحي بدمنهور، والسيدة زكية زوجة الحاج عبد الله علي صالحين، والسيدة لبيبة زوجة الحاج أحمد علي صالحين، والسيدة حميدة زوجة محمود بك غلاب، نجل المرحوم غلاب بك.

رحمه الله تعالى، فقد كان علمًا من أعلام الأمة المصرية، وستبقى ذكراه دائمًا تدفعنا للعمل والتقدم وتحقيق مستقبل مشرف نفتخر به، كما لنا ماضٍ مشرف نفاخر العالم به.






الجمعة، 7 نوفمبر 2014

نعي فقيد المعابدة السيد اللواء خالد عبد الرزاق المعبدي

فقيد آل المعبدي الأنصاري بطما



عزاء واجب فقيد المعابدة


بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبألم عميق وحزن كبير، تنعي عائلات المعابدة فقيدها الغالي، السيد اللواء خالد عبد الرزاق المعبدي، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء والتفاني في خدمة الوطن، حيث كان مثالًا للأمانة والشجاعة والإخلاص في عمله بالحرس الجمهوري.

لقد فقدنا برحيله رجلاً عظيمًا، كان رمزًا للوفاء والتضحية، وقدم الكثير من الجهد والعرق من أجل حماية وطنه وشعبه. كان الفقيد، رحمه الله، مثالًا للقيادة الحكيمة، قلبه ملئ بالحب والعطاء، وعقله نابغًا في اتخاذ القرارات الصائبة التي خدمت العديد من الأجيال.

إن الفقيد كان دائمًا مصدر فخر واعتزاز لعائلته ووطنه، لا يعرف الكلل ولا الملل في السعي وراء خدمة بلاده، وكان له بصمة واضحة في جميع المجالات التي عمل فيها، تاركًا وراءه إرثًا كبيرًا من الإنجازات التي ستظل خالدة في ذاكرة الأجيال القادمة.

رحل السيد اللواء خالد عبد الرزاق المعبدي، ولكن أعماله وإنجازاته ستظل حية في قلوب كل من عرفه، وأثره الطيب سيظل يذكره الجميع بكل حب وتقدير.

إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اغفر له واذق قلبه الراحة الأبدية، واجعل قبره روضة من رياض الجنة.

اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، ووفقنا جميعًا لتذكره بأجمل الذكريات، ولنجعل من سيرته نبراسًا في حياتنا.

اللهم ارزق أهله وذويه الصبر والسلوان، واجعل هذه المحنة في ميزان حسناتهم، واجعلها حافزًا لهم للاستمرار في السير على درب الفقيد في العمل والعطاء.

نسأل الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعله من أهل الجنة، وأن يرزقنا جميعًا الصبر على فراقه، وأن يكون هذا البلاء سببًا في رفعة درجاته في الآخرة.

إنا لله وإنا إليه راجعون.



.