كيف خلد القرآن والسنة ذكر الأنصار؟
لقد كان للأنصار – وهم الأوس والخزرج من أهل المدينة – فضل عظيم في نصرة الإسلام ورسوله ﷺ، حتى استحقوا الثناء في القرآن الكريم والسنة النبوية. فقد قدموا أرواحهم وأموالهم لنصرة الدين، وكانوا الدرع الحامي للدعوة الإسلامية في بدايتها، فاستحقوا أن يكونوا شركاء المهاجرين في بناء الأمة الإسلامية.
في هذا المقال، سنستعرض فضل الأنصار في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية، ونلقي نظرة على دورهم المحوري في التاريخ الإسلامي، وكيف ساهموا في نشر الإسلام وحمايته.
الأنصار في القرآن الكريم
ورد ذكر الأنصار في آيات كثيرة من القرآن الكريم، حيث أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم وبيّن فضلهم ومكانتهم. ومن أبرز الآيات التي تناولت فضلهم:
-
الثناء عليهم لإيوائهم المهاجرين ونصرتهم للإسلام
قال الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: 9].في هذه الآية، مدح الله الأنصار لأنهم استقبلوا المهاجرين بصدور رحبة، ولم يكن لديهم أي حسد أو ضيق تجاه ما أعطاه الله للمهاجرين، بل بلغ بهم الإيثار أن قدّموا المهاجرين على أنفسهم حتى في أشد حالات الفقر والحاجة.
-
وصفهم بأنهم من المفلحين
قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: 74].
هنا، يؤكد الله أن الذين آووا النبي ﷺ ونصروه هم من المؤمنين حقًا، وجعل لهم مغفرةً ورزقًا كريمًا جزاءً لما قدموه للإسلام.
-
مدحهم في ميثاق بيعة العقبة
حينما بايع الأنصار النبي ﷺ في بيعة العقبة الثانية، وعدهم الله بجنات النعيم، كما جاء في قوله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ [التوبة: 111].
فضل الأنصار في السنة النبوية
جاءت أحاديث كثيرة تؤكد فضل الأنصار ومكانتهم عند النبي ﷺ، ومنها:
( 20 ) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر } .
دور الأنصار في التاريخ الإسلامي
نصرة الإسلام منذ اللحظة الأولى
بعد بيعة العقبة الثانية، استعد الأنصار لاستقبال النبي ﷺ في المدينة، وكانوا حجر الأساس في بناء الدولة الإسلامية.حماية النبي ﷺ والدفاع عنه
كان الأنصار في مقدمة الصفوف في جميع الغزوات، بدءًا من بدر وأحد، وحتى فتح مكة.المشاركة في نشر الإسلام
كان الأنصار دعاة للإسلام، حيث خرج منهم علماء وقادة ساهموا في نشر الدين في مختلف الأقطار.دورهم في سقيفة بني ساعدة
بعد وفاة النبي ﷺ، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة للمسلمين، مما يدل على دورهم السياسي البارز في إدارة شؤون الأمة.موقفهم من الفتوحات الإسلامية
شارك الأنصار في الفتوحات الإسلامية في العراق والشام ومصر، وساهموا في نشر الإسلام في البلاد المفتوحة.
لقد كان الأنصار مثالًا حيًا على الإخلاص والتضحية في سبيل الله، واستحقوا الثناء في القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي. فكانوا عماد الدولة الإسلامية الأولى، وساهموا في انتشار الإسلام في أصقاع الأرض.
واليوم، تبقى سيرتهم درسًا في نصرة الحق والإخلاص لله ورسوله، فهل نستلهم من الأنصار روح التضحية والوفاء في نصرة الإسلام والمسلمين؟