أسئلة الهوية والانتشار: الأنصار في مصر يبحثون عن كيان جامع
منذ القدم، شكلت القبائل جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي لمصر، حيث تنوعت واختلطت جذورها في تاريخ هذه الأرض. من بين هذه القبائل العريقة التي رسخت في أعماق التاريخ، تبرز قبائل الأنصار، التي لا يكاد يخلو منها موضع على أرض المحروسة. وعندما نتحدث عن قبيلة تملأ بقاع مصر كافة، نجد أن الأنصار من أبرز تلك القبائل التي تنتشر في شتى أنحاء البلاد.
قبائل الأنصار ليست مجرد عائلات تحمل هذا الاسم، بل هي شبكة معقدة من البطون والعشائر، تنغمس في التاريخ والجغرافيا وتنتشر على طول النيل من جنوبه إلى شماله، ومن شرق البلاد إلى غربها. ورغم اتساع هذه القبائل، فإنها لا تزال تحتفظ بحضور قوي وتأثير بارز في مجتمعاتها المختلفة، حيث لكل فرع منها تأثيره الخاص في البيئة المحيطة.
هل توجد قبيلة في مصر تنتشر في كل بلادها مثل الأنصار؟
هذا سؤال يضع الحقيقة على بساط التأمل والبحث الجاد، وتنبثق منه إجابة تُشاهد بالعين وتُلمس بالواقع: "لا أظن."
"ولا يغني الظن عن الحق شيئًا، فهو أمر واقع لا تخطئه العين، يشهد به الواقع ويتناغم مع التاريخ."
إذ من النادر، بل يكاد يكون من المستحيلات، أن تجد محافظة أو مركزًا أو قرية في مصر لا تضم بين أهلها من ينتسب إلى بطون الأنصار. فهم يتوزعون في كل مكان، حضورهم كثيف، وأثرهم ظاهر، وتاريخهم ناطق في كل بقعة.
ولا ينازعهم في هذا الامتداد الكبير سوى ساداتنا آل البيت الكرام، رضي الله عنهم، ممثَّلين في قبائل الأشراف، الذين لهم كيان ونقابة قائمة تُعد أنموذجًا يُحتذى به في الحفاظ على النسب وتوثيق السلالة.
فروع وعائلات الأنصار في مصر
1. الأنصار قبيلة التميمية
تعد من أمهات قبائل الأنصار، ذات الامتداد الواسع والعدد الغفير، ويتفرع منها العديد من البطون، أبرزها قبيلة الصعايدة، التي تنتشر بكثافة في الصعيد وتمتد فروعها إلى وجه بحري.
2. الأنصار قبيلة العمرانية
يتواجد أفرادها بكثرة في مناطق متفرقة من صعيد مصر والوجه البحري، وتمثل جسراً بين جنوب مصر وشمالها.
3. الأنصار النجمية الهوارية
أندمجت بحلف هوارة من ذرية الأمير نجم الدين الأنصاري، يتمركزون في محافظات قنا، والأقصر، وأسوان، ويُعرف عنهم الحضور الفاعل في مجتمعاتهم.
4. الأنصار المعابدة الشوافع والسعايدة
لهم وجود كثيف في مراكز محافظة أسيوط، وامتد تواجدهم إلى سوهاج، وقنا، والمنيا، وبني سويف، والفيوم، والجيزة، والإسكندرية، وأسوان. هم مثال على الانتشار الأفقي والرأسي للأنصار داخل المجتمع المصري.
5. الأنصار عربان النجمة (حراس الأهرامات)
ومنهم عائلة البطران، ويقطنون الجيزة، والفيوم، والقليوبية. ولهم حضور تاريخي بارز في هذه المناطق.
6. الأنصار الركابية حكام الواحات
تنتشر هذه القبيلة في الواحات الخارجة، وأسيوط، والمنيا، وقنا، وتحمل في تاريخها بطولات وحكمات أثرت الحياة السياسية والاجتماعية في تلك الربوع.
7. الأنصار بني النجار
عائلات كثيرة تمركزهم في جرجا، وبرديس، وفرشوط، وطهطا، والطليحات، ويعدون من أهم بطون الأنصار في جنوب الصعيد.
8. الأنصار المشاودة الشهابية
موجودون في قرية المشاودةحرجا، وما تفرع منهم في البلاد من عائلات، ويعرفون بتقاليدهم العريقة وارتباطهم الوثيق بالأنساب والقبيلة.
9. الأنصار الحمادية
يتواجدون في بلصفورة، والمنصورية، وفي عدد كبير من القرى والمراكز خاصة بسوهاج وقنا و الأقصر و أسوان.
10. الأنصار بني محمد الشهابية
من أقدم القبائل التي سكنت بني محمد الشهابية، وانتشر منهم بطون في مختلف محافظات مصر.
11. الأنصار البقرية الساعديين
أكثر بطون الأنصار انتشاراً في الوجه البحري، حيث يتواجدون بكثافة في محافظات الدلتا منها الشرقية، والغربية، والبحيرة، والإسكندرية، والإسماعيلية، وبورسعيد، والسويس وقنا وفي الكثير من القرى و المدن .
12. الأنصار العكارمة
يقطنون في أسيوط، والأقصر، وأسوان، والمنيا، ويشكلون حلقة وصل قوية بين الصعيد الأعلى والأوسط.
13. الأنصار الحضور
متمركزون في قنا، والأقصر، وأسوان، وهم من العائلات الأنصارية الضاربة بجذورها في جنوب مصر.
14. الأنصار البياضية (بني بياض)
تمتد أصولهم إلى شبه جزيرة سيناء، وتواجدهم ظاهر في معظم محافظات وبلاد سيناء، ما يبرهن على شمولية الانتشار الجغرافي.
15. الأنصار بني حرام
لهم جذور في سوهاج، وأسيوط، والمنيا، والبحيرة، ودمنهور، ومناطق أخرى، مما يدل على انصهار الأنصار في نسيج الحياة المصرية.
16. الأنصار القطريون ( القضاة )
موجودون في العسيرات، وفرشوط، وبعدد من محافطات مصر، ويُعرف عنهم تمسكهم بالأنساب والهوية القبلية.
17. الأنصار الكرايرة الانصارية
قبيلة رحالة طوال العام واماكن انتجاعهم من قرية غازي مصبح مركز بني عبيد بالدقهلية غربا الى قرية التوابتة مركز القنطرة شرقا، ومن الجواهرة مركز فاقوس شمالا الى قرية الشبانات مركز الزقازيق.
18. الأنصار بني صامت ( الصوامته )
تمركزهم الرئيسي بمحافظة المنيا و أسيوط وما تفرع من عائلاتهم بالديار المصرية.
19. الأنصار المحس
القليل منهم بمحافظة أسوان و الجم الغفير بدولة السودان.
1والكثير ممن لم يسع المقام لذكرهم، و الأكثر ممن يجهلون نسبهم الأنصاري، و يحتاجون الى من يرشدهم.
انتشار الأنصار في محافظة سوهاج كنموذج
بمثال حي من أرض الواقع، محافظة سوهاج تبرز نموذجاً واضحاً على التوزع الكثيف لقبائل الأنصار:
- مدينة طما
- مدينة طهطا
- قرية بنهو
- قرية الصوامعة غرب مركز طهطا
- الصوامعة شرق مركز ساقلته
- قرية الطليحات مركز جهينة
- مدينة المراغة
- قرية أقصاص، شندويل البلد، نجع هلال، نجع خميس، الجزازرة (جميعها في مركز المراغة)
- مدينة سوهاج
- قرية بلصفورة مركز المنشأة
- قرية عرابة أبو كريشة
- قرية أولاد حمزة مركز العسيرات
- مدينة جرجا
- قرية المشاودة
- قرية برديس مركز البلينا
- قرية العرابة المدفونة (أبيدوس)
- قرية برخيل مركز البلينا
- قرية السمطا
- مركز دار السلام
وهكذا يمكننا القياس على باقي محافظات الجمهورية.
![]() |
خريطة أنتشار قبائل وعائلات الأنصار بمحافظة سوهاج |
في ذكر بلاد وقرى الأنصار بمصر المحروسة
ومما يُثير الإعجاب، ويُوجب الفخر، ويبعث على الاعتزاز، ذلك الانتشار الواسع لقبائل الأنصار في سائر ديار مصر، وهو أمر قد ثبت باليقين، ولو دُقِّق النظر وأُعيد البحث لظهر من القرى والبلدان أضعاف ما ذُكر، ولعَظُمَ شأن هذه البقاع المباركة التي عمرها أحفاد الأوس والخزرج.
فمن الإسكندرية شمالاً إلى قرية غازي مصبح بمركز بني عبيد في محافظة الدقهلية، ثم إلى قرية التوابتة بمركز القنطرة شرقًا، ومنها إلى الجواهرة بمركز فاقوس، ثم إلى الشبانات بمركز الزقازيق. وفي الجيزة يُذكر وجودهم في نزلة بطران، والكوم الأخضر، وكفر الجبل، وكفر نصار، وزاوية مسلم، ونزلة الأشطر، وأوسيم، والزيدية، وكفر حكيم، والمنصورية، وبرقاش، وسبك الأحد، كما وُجد منهم في قليوب.
وفي محافظات الإسكندرية، والمنوفية، والبحيرة، والقليوبية، والدقهلية، لهم تواجد متجذر. وفي الشرقية بمراكز ديرب نجم، وفاقوس، وأبو كبير، وجزيرة مطاوع، وأولاد صقر، والزقازيق بقرى أنشاص، وسمنود، والقراميط، وفي القرين، والحسينية، وأم الغفل. وكذلك ببلقينا بمركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية.
وفي البحيرة لهم وجود في مدينة البحيرة، وحوش عيسى، وقرية الأنصار بمركز شبراخيت، وعزبة الأنصار، وههربيط، والعكرشية بمركز كفر الدوار. وفي المنوفية بقرية بقسا التابعة لمركز قويسنا. وفي الدقهلية بقرى سنفا، والبوهية، والجمالية، وأوليلة بمركز ميت غمر، والمنصورة.
وفي محافظة دمياط، والإسماعيلية، وبورسعيد، وسيناء، وكفر البطيخ، ومركز فارسكور، نجد بقاياهم وآثارهم. وفي الجيزة، بالقطوري، والعياط، وكفر نصار، والبدرشين، وفي الفيوم بمركز طامية، وقرية أطسا، وفي بني سويف بمركز الفشن.
وفي المنيا، بقرية بني حرام التابعة لمركز ديرمواس، وقرية الصوامت، ومدينة بني مزار، ومركز أبو قرقاص، وطوخ مركز ملوي. وفي محافظة أسيوط، بقرية الأنصار مركز القوصية، وخُرَي قوص، ومير، والقصير، والمعابدة الشرقية، والمعابدة الغربية، وبني محمد الشهابية، وباقور، وموشا مركز أبو تيج، والزاوية، والعصارة مركز الفتح، وجحدم، وبني عدي، وبني شجير مركز منفلوط، وصنبو مركز ديروط، ومنشأة همام.
وفي سوهاج، بمدينة طما، وطهطا، وبنهو، والطليحات بجهينة، والمراغة، والجزازرة، وأقصاص، وشندويل البلد، ونجع خميس، ونجع هلال مركز المراغة، ومدينة سوهاج، وعرابة أبو كريشة، وبلصفورة مركز المنشاة، وجرجا، والمشاودة مركز جرجا، والبلينا، والعرابة المدفونة، وبرخيل، ودار السلام، والصوامعة شرق مركز ساقلته.
وفي قنا، بحجازة قبلي، وزليتن، والخضيرات، وفرشوط، ونجع صقر، وهو بمركز نجع حمادي، وأولاد نجم التمة، وأولاد نجم بهجورة، وأولاد نجم القبل، ودشنا، والسمطا، والشيخ علي وسمهود مركز أبو تشت، والخطارة، وأبو دياب، وصعايدة كلح الجبل، ومركز إدفو، ومركز إسنا، والمخزن قوص، وترعة ناصر، والسباعية، والصعايدة، وأصفون، والأقصر، ودراو، وكوم أمبو، والمنصورية بمحافظة أسوان، وسفاجا بالبحر الأحمر.
هل يوجد قبيلة تنتشر في مصر مثل الأنصار؟ أسئلة تضع النقاط على الحروف
ونحن نعرض هذه المعلومات المتوارثة والمعايشة، لا بد من طرح بعض الأسئلة الهامة على أنفسنا نحن أبناء قبائل الأنصار:
- ألا نستحق كياناً رسمياً يجمعنا تحت مظلة واحدة؟
- ألا يستحق هذا التاريخ أن يُوثق وتُسجل أنسابنا بشكل رسمي داخل بطاقة الرقم القومي؟
- ألا يحسن بنا أن نتعارف ونتلاحم؟
- ألا تستحق هذه القبيلة الممتدة أن يكون لها بيت، مركز خدمات، كيان مجتمعي متكامل؟
- ألا يجب أن نتواصل أكثر، نتدارس تاريخنا، نخطط لمستقبلنا، ونشد من أزر بعضنا البعض؟
- ألا يستحق أبناء البطون الأنصارية أن يكونوا سنداً لأخوالهم، وعزوة في الشدائد؟
- وهل نحن اليوم على هذه الصورة المتناثرة، نشكل كياناً واحداً كما ينبغي؟
في قلب كل قبيلة من قبائل الأنصار، يسكن تاريخ، وتنطق ذاكرة، ويتجلى مجدٌ لا تندثر ملامحه.
على امتداد آلاف السنين، كانت الأنصار شامةً في جبين الأمة؛ هم الذين نصروا، وساندوا، ووقفوا في وجه الطغيان في عصور شتى، ولا يزالون.
وفي أرض مصر، وجدت قبائل الأنصار ملاذها وموطنها الجديد. فمنهم من جاء منذ زمن الفتح الإسلامي، وتعاقبت هجرتهم من شبه الجزيرة العربية إلى أرض الكنانة عبر الأزمان. وكانت مصر قبلتهم في الهجرة العكسية بعد سقوط الأندلس، تلك الأرض التي زخرت بالجمّ الغفير من قبائل الأوس والخزرج.
![]() |
خريطه انتشار قبائل الانصار الأوس والخزرج في الأندلس |
ولم تكن الأنصار ضيفًا طارئًا على مصر، بل كانت ولا تزال جزءًا أصيلًا من نسيجها الوطني والاجتماعي منذ قرون بعيدة.
لقد حملت الأنصار الراية جيلًا بعد جيل، وتفرعت وتعمّقت في كل أرجاء الوطن، حتى بات لهم وجود راسخ في كل محافظة، وكل مركز، وكل مدينة وقرية. فلا تكاد تُذكر بلدة في مصر إلا وللأنصار فيها جذرٌ وأصلٌ وفرع.
يا أبناء الأنصار في مصر،
آن الأوان أن نُعيد لتاريخنا الاعتبار، وأن نكتب حروفنا بأنفسنا، وأن نُوثق أنسابنا كما فعل أجدادنا الأوائل، وأن نُعرّف الناس من نحن؛ لا فخرًا فارغًا، بل حفاظًا على الأمانة التي ورثناها، وصيانةً للدم الطيب الذي يجري في العروق.فلنجعل من هذا التشتت وحدة، ومن هذا التوزع كيانًا قويًا متماسكًا، لا يُضام ولا يُجهل.
لنرفع الصوت عاليًا ونقول: نحن الأنصار، نحن أبناء التاريخ... فلنكن أهله، ولنبنِ من ماضينا مجدًا يليق بمستقبلنا.
وفي انتظار إجاباتكم... من صميم القلب، لأبناء قبائل الأنصار في مصر.
فليكتب التاريخ ما سنفعل، لا ما فعل الأجداد فقط.
موضوعات ذات صلة:
◾مكتبة قبائل الأنصار على أرشيف التاريخ والأنساب العربية
◾نقابة السادة الانصار بجمهورية مصر العربية - تحت المجهر