‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدين المعاملة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدين المعاملة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 20 فبراير 2025

أعيان مديرية أسيوط عام 1928: وثيقة نادرة تكشف ملامح المجتمع والسياسة في صعيد مصر

الوثيقة تسلط الضوء على أعيان مديرية أسيوط عام 1928، ودورهم في السياسة والمجتمع والاقتصاد، مما يساعد على فهم تاريخ المديرية وتطورها آنذاك.

يسرنا أن نقدم للقراء وثيقة تاريخية نادرة تعود إلى عام 1928، تسلط الضوء على أعيان مديرية أسيوط في تلك الفترة. تُعد هذه الوثيقة مصدرًا مهمًا لفهم البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمديرية، وتبرز الدور البارز الذي لعبه الأعيان في تشكيل ملامح المجتمع الأسيوطي آنذاك.

**الأعيان ودورهم في المجتمع الأسيوطي:

في الفترة الممتدة من أواخر القرن التاسع عشر وحتى أوائل القرن العشرين، برز عدد من الشخصيات المؤثرة في مديرية أسيوط، والذين ساهموا بشكل فعّال في تطوير المجتمع المحلي. من بين هؤلاء:

  • أحمد جاد الرب باشا: أحد أعيان أسيوط البارزين، وُلد في 26 أكتوبر 1925. لعب دورًا محوريًا في الحياة السياسية والاجتماعية بالمديرية.

  • أليكسان أبسخرون باشا: من أعيان أسيوط المعروفين، وُلد في 5 أبريل 1925. ساهم في العديد من المبادرات الاجتماعية والخيرية.

  • أحمد محمد خشبة باشا: تولى عدة حقائب وزارية، بما في ذلك وزارة الحربية والبحرية، وكان له تأثير كبير على المستوى الوطني.

  • أحمد فهمي حسين باشا: شغل منصب مدير أسيوط في 23 يوليو 1931، وساهم في تطوير البنية التحتية والإدارية للمديرية.

  • إسماعيل رمزي باشا: تولى منصب مدير أسيوط في 1 يوليو 1925، وكان له دور في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

تُظهر الوثيقة أن هؤلاء الأعيان لم يكونوا مجرد شخصيات ذات نفوذ، بل كانوا روادًا في مجالات التعليم، حيث أسسوا الكتاتيب والمدارس، وتبرعوا بسخاء لدعم الجامعة المصرية. كما شاركوا في الأنشطة الاقتصادية، من خلال استثماراتهم في الزراعة والتجارة، مما ساهم في ازدهار المديرية.

**أهمية الوثيقة:

تُعد هذه الوثيقة شهادة حية على التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها مديرية أسيوط في تلك الحقبة. من خلال الأسماء والمعلومات الواردة فيها، يمكن للباحثين والمهتمين بالتاريخ المصري استنباط العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وفهم ديناميكيات السلطة والتأثير في المجتمع الأسيوطي.

نأمل أن تسهم هذه الوثيقة في إلقاء الضوء على جزء مهم من تاريخ مصر، وتكون دافعًا لمزيد من الدراسات والبحوث حول دور الأعيان في تشكيل الهوية الوطنية والمجتمعية.

الوثيقة تسلط الضوء على أعيان مديرية أسيوط عام 1928، ودورهم في السياسة والمجتمع والاقتصاد، مما يساعد على فهم تاريخ المديرية وتطورها آنذاك.

الوثيقة تسلط الضوء على أعيان مديرية أسيوط عام 1928، ودورهم في السياسة والمجتمع والاقتصاد، مما يساعد على فهم تاريخ المديرية وتطورها آنذاك.


السبت، 8 فبراير 2025

عائلة أبو ستيت الهواري : تاريخ طويل من العراقة والمشاركة السياسية

عائلة أبو ستيت فخر البلينا و هواره


تعتبر عائلة أبو ستيت الهواري في البلينا من العائلات العريقة التي تنتمي إلى قبيلة هوارة الأمازيغية الشهيرة، وهي واحدة من أعرق وأهم القبائل التي أثرت في تاريخ مصر والمغرب والأندلس. لعبت هوارة دورًا رئيسيًا في تاريخ مصر، حيث تأثرت بالعديد من التحولات السياسية والاجتماعية عبر العصور.

إن قبيلة هوارة كانت قد استقرت في مصر في فترة مبكرة، وقد تمصروا تمامًا على مر العصور. بدأت إقامتهم في إقليم البحيرة، حيث أصبحوا القبيلة ذات النفوذ الأكبر في تلك المنطقة. وكانت هوارة من القبائل التي انتقلت إلى مصر بانتقال الفاطميين إليها، حيث كانت لهم بصمة واضحة في الفترات الإسلامية المبكرة.

استقر بعض بني هوارة في مصر العليا (الصعيد) على يد الأمير برقوق حوالي عام 782هـ (1380م)، حيث أقطع شيخهم إسماعيل بن مازن مدينة جرجا. ثم جاء بعده الأمير عمر الذي واصل تعزيز وجود هوارة في المنطقة، ليؤسس لهم أسرة حاكمة استمرت في السلطة طوال القرنين التاليين. في هذه الفترة، بدأ شيخهم محمد أبو السنون بتطوير قبيلة هوارة في الصعيد، حيث شهدت المنطقة حالة من الرخاء والرفاهية بفضل تطور زراعة السكر، ما ساعد على تعزيز قوة القبيلة وانتشارها في صعيد مصر.

كان لبني هوارة دور عظيم في صعيد مصر، حيث عظم شأنهم واشتد بأسهم. وقد تفرعت العديد من الفروع لهذه القبيلة في مختلف مناطق الصعيد، وتنتمي عائلة أبو ستيت إلى فرع بني محمد الهواري، الذي يعد من البطون الكبيرة التي ذكرها المؤرخون، بما في ذلك القلقشندي في كتابه "صبح الأعشى"، حيث ذكر أن قبيلة هوارة تتألف من 34 بطنًا كبيرًا في صعيد مصر، ومن أبرز هذه البطون التي يتحدر منها فرع بني محمد:: بنو محمد، أولاد مأمن، بندر، العرايا، الشلله، أشحوم، أولاد مؤمنين، الروابع البردكية، الروكة، البهاليل، الأصابغة، الدناجلة، المواسية، البلازد، الصوامع، السدادرة، الزيانية، الخيافشة، الطردة، الأهلة، أزلتين، أسلين، بنو قمير، النبة، التبابعة، الغنائم، فزارة، العبابدة، صاورة، غلبان، حديد، والسبعة.

على مر العصور، استمرت هذه الفروع في النمو والتطور حتى أصبح لأبناء همام منهم في القرن الثامن عشر نفوذًا عظيمًا في صعيد مصر وشمال السودان. ولا تزال بعض الأسر من هذه الفروع موجودة حتى القرن العشرين في صعيد مصر، حيث تحمل أسماء فروع قبائلها، مثل قرية أولاد مؤمنين في طما، المراغة، أولاد عليو، والصوامع والغنائم وأشحوم في سوهاج، والعبابدة في أسيوط وساحل سيلين، والدناجلة والبلازد في أبو تيج، الغنائم.

إن عائلة أبو ستيت الهواري في البلينا تمثل جزءًا من هذا الإرث التاريخي العظيم، حيث حملت مشعل القبيلة وواصلت التمسك بعاداتها وتقاليدها، ساعية إلى الحفاظ على تاريخها العريق وإسهامها في تطور المنطقة على مر العصور.

المؤسس الحقيقي للعائلة: حميد بك محمد شمندي أبو ستيت

يعتبر حميد بك محمد شمندي أبو ستيت هو المؤسس الفعلي لعائلة أبو ستيت، حيث كان شخصية بارزة في تاريخ مصر الحديث. وُلد حميد بك في فترة حرجة من تاريخ مصر، وكان له دور مهم في السياسة المحلية والوطنية. شغل عدة مناصب إدارية في الدولة، حيث كان مديرًا لمديرية جرجا ومديرًا لمديرية قنا، وكان يعتبر من الأعيان الكبار الذين يمتلكون العديد من الأراضي الزراعية.

حصل حميد بك أبو ستيت على شهرة واسعة في فترة حكم الخديوي إسماعيل، حيث أُثني عليه في كتب المؤرخين. يذكر الشيخ علي مبارك في كتابه «الخطط التوفيقية» أنه كان مديرًا لجرجا ثم قنا في فترة الخديوي إسماعيل، وكان يملك مئات الفدادين من الأراضي الزراعية، إضافة إلى نخيله الذي كان يصل إلى نحو مائة فدان في عدة مناطق.

كان حميد بك أبو ستيت يتمتع بسمعة طيبة بين أهل قريته وسكان المنطقة، فقد كان له العديد من المبادرات الخيرية التي أسهمت في رفع مستوى الفقراء. كان لديه منزل في كفر غربي برديس يشبه إلى حد كبير منازل النبلاء، حيث كان يخصص جزءًا منه لإقامة الفقراء الذين كانوا يأتون للقراءة والتعلم في جامع ومكتب عامرين. كان يُصرف لهم راتب شهري من ماله الخاص، وذلك بهدف تعليمهم ورفع مستواهم الثقافي والديني.

دور حميد أبو ستيت في دعم الثورة العرابية

عرف حميد بك أبو ستيت بدعمه الكبير للثورة العرابية، وكان من الأعيان الذين قدموا تبرعات كبيرة لدعم الجهاد في فترة الثورة ضد الاحتلال البريطاني. يُذكر في العديد من المراجع التاريخية أن حميد أبو ستيت تبرع بمبالغ ضخمة لصالح الجيش المصري، حيث وصلت تبرعاته إلى 1000 أردب من الغلال، بالإضافة إلى 150 أردبًا من العدس و850 أردبًا من القمح. كما قدم العديد من الخيول والمساعدات العينية الأخرى، وهذا يظهر مدى اهتمامه بالقضية الوطنية ودعمه للثوار.

أرسلت عائلة أبو ستيت التلغرافات إلى زعيم الثورة العرابية أحمد عرابي، تعلن فيه استعدادها الكامل للمشاركة في الجهاد ضد الاحتلال البريطاني، وتقديم كافة الإمكانيات لدعم القوات المصرية في معركتها. وعندما استلمت الخزانة المصرية من قبل الاحتلال البريطاني، كان حميد أبو ستيت من الأعيان الذين ساندوا الثورة العرابية بكل ما يملك.

ورغم جهود حميد بك أبو ستيت الكبيرة في دعم الثورة العرابية، إلا أنه تعرض للنفي إلى السودان لمدة ثلاث سنوات نتيجة لمساندته للثوار. وكان هذا النفي جزءًا من حملة انتقامية من الاحتلال البريطاني والخديوي إسماعيل ضد كل من دعم الثورة العرابية.

التمثيل السياسي لعائلة أبو ستيت في البرلمان

تعتبر عائلة أبو ستيت واحدة من العائلات التي كانت تمثل مصر في مختلف المجالس النيابية منذ بداية التكوين السياسي في البلاد. فقد بدأت العائلة في المشاركة في البرلمان منذ عام 1866 عندما تم انتخاب الشيخ حميد أبو ستيت نائبًا عن دائرة برديس في مجلس شورى النواب في أول هيئة نيابية في عهد الخديوي إسماعيل.

ومنذ ذلك الحين، استمرت عائلة أبو ستيت في تمثيل شعبها في المجالس النيابية المختلفة. في الفترة من 1866 إلى 2021م، مثلت العائلة دائرة البلينا وبرديس في البرلمان، حيث كان العديد من نواب العائلة يحققون النجاح في الانتخابات ويشغلون مقاعدهم في المجالس النيابية المتعاقبة، سواء في مجلس الأمة أو مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو مجلس النواب.

عائلة أبو ستيت في مجال التشريع

كان لعائلة أبو ستيت دور كبير في صياغة التشريعات والقرارات التي كانت تهم أهالي سوهاج وسائر المناطق التي كانت تابعة لها. على سبيل المثال، في عام 1910، انتُخب محمد أمين أبو ستيت نائبًا في مجلس شورى القوانين، حيث كان يقدم العديد من الاقتراحات التي تهدف إلى تحسين أوضاع محافظة جرجا، ومنها مقترح بشأن تطوير نظام الري في المنطقة.

وقد أظهر محمد أمين أبو ستيت اهتمامًا كبيرًا بقضايا الري والزراعة، حيث طالب بترخيص وضع آلات رافعة لري الأراضي الصيفي في جرجا، وذلك في إطار سعيه لتحقيق تنمية زراعية لمديريته. كما كان يطالب بإصلاح البنية التحتية للزراعة، ليتمكن الفلاحون من الاستفادة من الأرض وتحقيق الإنتاج الزراعي الكافي.

بعض من أعلام آل أبو ستيت:

  1. حميد بك محمد شمندي أبو ستيت:

    • مدير لمديرية جرجا.
    • مدير لمديرية قنا.
    • عضو في أول مجلس نيابي في تاريخ مصر (مجلس شورى النواب في عهد الخديوي إسماعيل).
  2. د.يحيى زكريا عثمان حميد أبو ستيت:

    • نائب عن دائرة مينا البصل بالإسكندرية.
  3. محمد أمين أبو ستيت بك:

    • عضو بمجلس شورى القوانين عام 1910.
    • ممثل عن دائرة البلينا.
  4. محمد كامل أبو ستيت:

    • نائب عن دائرة البلينا في مجلس النواب 1924.
  5. محمد فؤاد أبو ستيت:

    • نائب عن دائرة البلينا في مجلس النواب (1927/1928).
    • نائب عن دائرة البلينا في الهيئة النيابية الثالثة (1927).
    • نائب عن دائرة البلينا في الهيئة النيابية الرابعة (1930).
    • نائب عن دائرة البلينا في الهيئة النيابية السادسة (1936).
    • نائب عن دائرة البلينا في الهيئة النيابية السابعة (1938).
  6. أحمد علي أبو ستيت:

    • نائب عن دائرة برديس في الهيئة النيابية الثالثة (1926).
    • نائب عن دائرة برديس في الهيئة النيابية الرابعة (1930).
    • نائب عن دائرة برديس في الهيئة النيابية السابعة (1938).
  7. أحمد بك علي حميد أبو ستيت:

    • عضو في مجلس النواب 1910، ممثل عن دائرة برديس.
  1. أبو ستيت علي:

    • عضو مجلس النواب في 1924.
  2. محمد حسن أبو ستيت:

    • نائب عن دائرة البلينا في مجلس النواب 1930.
  3. أحمد محمد أبو ستيت:

    • عضو مجلس النواب 1935.
    • عضو مجلس الشيوخ 1935.
  4. محمود أبو ستيت:

    • نائب في البرلمان المصري خلال الخمسينيات.
  5. علي أبو ستيت:

    • عضو في المجلس النيابي الأول للبلاد.

    

دور العائلة في تحقيق العدالة الاجتماعية

في مجال تحقيق العدالة الاجتماعية، كان لعائلة أبو ستيت دور بارز في المطالبة بحقوق الفلاحين والمزارعين، وكان لها العديد من المواقف التي تظهر اهتمامها بتحقيق العدالة الاجتماعية. ففي جلسات مجلس النواب، كان النواب من عائلة أبو ستيت يطرحون القضايا المتعلقة بالزراعة والري والعدالة الاجتماعية بشكل عام. كما كانوا يطالبون بتخفيض الضرائب على الفلاحين وتحسين ظروفهم المعيشية.

وكان النائب محمد فؤاد أبو ستيت من أبرز الشخصيات التي واجهت العديد من التحديات في سبيل تحسين الأوضاع الاجتماعية في البلاد. في عام 1938، كان له دور كبير في طرح قضية ارتفاع أسعار المياه التي كانت تفرضها شركة ري البلينا على المزارعين، حيث طالب بتحديد أسعار عادلة للمياه، وتوفيرها للمزارعين بأسعار معقولة.

الختام: تاريخ طويل من العطاء

عائلة أبو ستيت ليست مجرد عائلة من العائلات الكبيرة في مصر، بل هي جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر السياسي والاجتماعي. من دعم الثورة العرابية إلى المشاركة في صياغة التشريعات وإحداث تغييرات في مجتمعها المحلي، أظهرت عائلة أبو ستيت على مر العصور تمسكها بالقيم الوطنية والاجتماعية، وتفانيها في خدمة الوطن والمواطن.

الخميس، 10 يناير 2019

يا معشر الأنصار إليكم كيفية الثبات في زمن الفتن.


نحن نعيش الآن واقعًا مليء بفتن لا يعلم بها إلا الله، فتن قتل وهرج، فتن فضائيات وإعلام مضلل، فتن إنترنت وشائعات، كلٌ يكتب ما يريد دون وازع من ضمير يردعه إلا من رحم ربي، وغيرها الكثير من الفتن التي نحتاج فيها عون الله تعالى أن  يثبتنا ويبصرنا فيها بالحق، لذلك أحببت نقل وصايا الحبيب المصطفى صلوات ربي عليه في كيفية الثبات أثناء الفتن، من خلال أحاديثه الشريفة والصحيحة، وأقوال أهل العلم في ذلك.. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة، وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم فاختلفوا وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه»، قالوا كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك؟ قال: «تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون وتقبلون على خاصتكم وتذرون أمر عوامكم» (صحيح ابن ماجه:3211). المعاني: الحثالة: الرديء من كل شيء، والمراد أرذلهم. مرجت: اختلفت وفسدت. خاصتكم: أي عليك بأمر نفسك وأهلك. في هذا الحديث الشريف يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية النجاة من الفتن وحدد ذلك بعدة طرق وهي: 
أولًا: أن يأخذ الإنسان بما يعرف: والمقصود: أن يأخذ الإنسان بما يعرف أنه الحق ولا يدور في فلك الشبهات، ولا يصغي للبدع وأهل الأهواء ومصدره في ذلك الكتاب والسنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي» (حسنه الألباني في منزلة السنة:13).  

ثانيًا: يدع ما ينكر: ففي الحديث الصحيح قال النواس بن سمعان الكلابي: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال: «البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس» (المسند الصحيح)، وعن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة» (سنن الترمذي، حسن صحيح).

ثالثًا: الإقبال على العلماء: فهم ورثة الأنبياء ومنارات الهدى فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخير عادة والشر لجاجة ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه). 

رابعًا: ترك أمر العوام: فقد قال علي رضي الله عنه: "الناس ثلاث: فعالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق". 

خامسًا: التسلح بالإيمان والتقوى. وقال تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحديد:28]. 

سادسًا: التوكل على الله: فقد قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق من الآية:3]. 

سابعًا: اعتزال الفرق والأحزاب: عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال: "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم»، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن»، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر».  قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: «هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»" (صحيح البخاري:7084). 

المعاني:  «الدخن»: قيل الغل وقيل الحقد والحسد، وقيل فساد في القلب، يشير إلى أن الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرًا خالصًا بل فيه كدر، قال البيضاوي: "المعنى إذا لم يكن في الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على تحمل شدة الزمان والعض بأصل شجرة كناية عن مكابدة المشقة"، «هم من جلدتنا»: ‏أي من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا. وقال الإمام الطبري: "وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابًا فلا يتبع أحد في الفرقة ويعتزل الجميع خشية من الوقوع في الشر وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها". 

ثامنًا: الاستغفار واللجوء إلى الله والاستعانة بالصلاة: قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:87-88]. عن أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها قالت: "استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعًا، يقول: سبحان الله، ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن، من يوقظ صواحب الحجرات -يريد أزواجه الكرام لكي يصلين- رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة»" (صحيح البخاري:1126). 
قال الشيخ مصطفى العدوي: "في الحديث الندب والإرشاد إلى التضرع والصلاة والدعاء واللجوء إلى الله تعالى وخاصة في الليل -ويستحب الثلث الأخير منه- رجاء موافقة وقت الإجابة لتكشف الفتنة أو يسلم الداعي ومن دعا له، والحديث دليل على أن الصلاة مخرج من الفتنة" (من كتاب مخارج الفتن للشيخ مصطفى العدوي). 

تاسعًا: التعوذ بالله من الفتن. عن: عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم والمأثم، اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، ومن شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» (البخاري:). 

عاشرًا: تمني الموت خشية الفتنة. يجوز تمني الموت خشية الفتنة ولا يتعارض ذلك مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيا للموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي» (صحيح البخاري:6351). فلقد قال يوسف عليه السلام: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف من الآية:101]. وقالت السيدة مريم عليها وابنها السلام: {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا} [مريم:23]. وعن محمود بن لبيد رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اثنتان يكرههما ابن آدم: يكره الموت، والموت خيرًا له من الفتنة، ويكره قلة المال، وقلة المال أقل للحساب» (صحيح الجامع:139). 

الحادي عشر: الفرار من الفتن. يقول صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن» (صحيح البخاري:7088) المعاني: «شعف الجبال»: رؤوس الجبال. «مواقع القطر»: بطون الأودية. والحديث يدل على كثرة الفتن التي ستنزل بالعباد لدرجة أن المسلم سيكون خير ما يفعله فرارًا بدينه أن يرعى الغنم بين الجبال والأودية، نسأل الله السلامة. 

الثاني عشر: الحذر من الشائعات والروايات الواهية ونقل الأخبار المكذوبة. وهي ظاهرة في زمننا الحالي فيلاحظ انتشار القصص والروايات الواهية الضعيفة وقت الفتنة، فيكثر القُصّاص الذين يوردون الحكايات والقصص التي لا أصل لها، ووسائل التكنولوجيا الحديثة ساعدت في انتشار مثل تلك القصص والشائعات، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لم يُقصّ في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر ولا عثمان إنما كان القصص زمن الفتنة". 

الثالث عشر: النهي عن المنكر. فعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال: "أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [ المائدة:105]، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله منه بعقاب» (سنن الترمذي:2168، صحيح). 

الرابع عشر: النهي عن قتال المسلم أو تعريضه للهلاك. قال تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195]. {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة من الآية:2]. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ضيَّق منزلًا، أو قطع طريقًا، أو آذى مؤمنًا، فلا جهادَ له» (صحيح الجامع:6378، صحيح)، قال ابن القيم: "إذا عرف هذا فالجهاد أربع مراتب: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين»، عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله". 

الخامس عشر: المخرج من فتنة الأمراء والأئمة. فعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنكم سترون بعدي أثرة وأمورًا تنكرونها» قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم» (صحيح البخاري:7052). وعن أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّهُ سيَكونُ علَيكُم أئمَّةٌ تعرفونَ وتُنكِرونَ، فمَن أنكرَ فقد برِئَ ومَن كرِهَ فقد سلِمَ ولَكِن مَن رضيَ وتابعَ»، فقيلَ: يا رسولَ اللَّهِ أفلا نقاتلُهُم؟ قالَ: «لا، ما صلَّوا» (صحيح الترمذي:2265صحيح)، قال الإمام النووي رضي الله تعالى عنه: "معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئًا من قواعد الإسلام". 
صور من ثبات الصحابة أثناء الفتن: للصحابة رضي الله عنهم مواقف عدة عندما نزلت بهم النوازل والفتن، فبعضهم رفض أن يقاتل المسلمونن بعضهم البعض، وبعضهم عندما كان في الحكم وخرجوا عليه منع أنصاره أن يقاتلوهم من أجله حتى لا تحدث الفرقة بين المسلمين ولا يراق دم مسلم فيُسأل عنه حين يقف بين يدي الله تعالى، وإليكم بعضًا من تلك المواقف التي ثبت فيها الصحابة رضوان الله عليهم أثناء الفتن.. 

١- ثبات عثمان رضي الله تعالى عنه لما تحرك الثوار وفرضوا حصارًا حول دار سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه يريدون قتله يحكي لنا الحسن رضي الله تعالى عنه ما حدث فيقول: انبأني وثاب قال: بعثني عثمان فدعوت له الأشتر -من أمراء الثوار الذين خرجوا على عثمان رضي الله تعالى عنه- فقال: "ما يريد الناس؟"، قال: "ثلاث ليس من أحدهم بد"، قال: "ما هن؟". قال: "يخيروك بين أن تخلع لهم أمرهم, فتقول: هذا أمركم فاختاروا من شئتم، وبين أن تقتص من نفسك، فإن أبيت فإن القوم قاتلوك"، فقال رضي الله عنه: "أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله، وأما أن أقتص لهم من نفسي فوالله لقد علمت أن صاحبي بين يدي -يقصد عمر، وأبا بكر رضي الله عنهما- وقد كانا يعاقبان وما يقوم بيتٌ بالقصاص وأما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني لا تحابون بعدي ولا تصلون بعدي جميعًا، ولا تقاتلون بعدي جميعًا عدوًا أبدًا"، وهكذا ثبت رضي الله تعالى عنه وقدم نفسه فداء لثباته ومنع أنصاره من الدفاع عنه لحقن دماء المسلمين وقدم دمه فداءًا لهم ولعدم تفرقهم وقتالهم بعضهم بعضًا. 

٢- ثبات عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه: عندما زادت الفتنة بعد مقتل عثمان رضي الله تعالى عنه اعتزل عبد الله بن عمر الفتنة ولم يشارك فيها، وقال قولته الشهيرة: "من قال حي على الصلاة، أجبته ومن قال: حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله فلا". 

٣- ثبات سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه اعتزل سعد رضي الله تعالى عنه الفتنة وقال: "لا أقاتل حتى تأتونني بسيف له عينان ولسان فيقول: هذا مؤمن وهذا كافر" 

٤- ثبات الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه: وفي عهد الإمام أحمد بن حنبل ظهر من ادعى أن القرآن مخلوق وهم ما يسمون بالمعتزلة، جاء المأمون إلى الحكم فبدأ المعتزلة يتسلقون إلى سدة الحكم وصاروا بطانة السوء للمأمون، وبرز منهم ابن أبي داود الذي قام بتحريك الفتنة وأقنع بها المأمون، فصارت فكرًا رسميًا معلنًا من الدولة إذ طلب المأمون أن ينشر في كل مكان أن القرآن مخلوق، فرفض الإمام هذا الفكر المختل، وأعلن رفضه له فتعرض للسجن وللضرب بالسياط ليرجع عن فتواه ويقر هذا الفكر الشاذ، فرفض وتصدى لهم ومن يناصرهم حتى قضى على هذه الفكرة الغريبة على الدين حتى قيل: "لولا سياط على ظهر ابن حنبل ما كان إمام أهل السنة". أسأل الله تعالى أن ينفع بتلك الوصايا النبوية، والمواقف، وأن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن. 

المصدر/ موقع طريق الإسلام