الأحد، 9 ديسمبر 2018

مراثي الأندلس: كيف بكى لسان الدين بن الخطيب سلطان غرناطة؟

أبو الحجاج يوسف الأول بن إسماعيل الأحمر: الملك العادل والفنان الشاعر




ُيعدُّ أبو الحجاج يوسف الأول بن إسماعيل الأحمر أحد أعظم سلاطين مملكة غرناطة، فهو الملك الذي جمع بين الحزم والعلم والفن. تولّى عرش غرناطة في سن مبكرة، واستطاع أن ينهض بها في ظل ظروف سياسية وعسكرية عصيبة. اشتهر بحبه للعلم والفنون، وكان راعيًا للعلماء والأدباء، حتى إنه أنشأ جامعة غرناطة التي أصبحت منارةً للعلم في عصره. كما أبدع في العمران، حيث أمر ببناء برج قمارش الشهير في قصر الحمراء، وهو شاهد حي على ازدهار الفن الإسلامي في الأندلس.


نشأته وتولّيه الحكم: 

وُلد أبو الحجاج يوسف الأول في قصر الحمراء بغرناطة في الثامن والعشرين من ربيع الثاني عام 718 هـ (28 يونيو 1318م). كانت والدته تُدعى "بهارا النصرانية"، وهي إحدى حظايا والده السلطان أبي الوليد إسماعيل. نشأ في ظل القصور، وتلقى تعليمًا متميزًا جعله مثقفًا واسع الاطلاع، مولعًا بالأدب والشعر والفنون.

في عام 733 هـ (1333م)، وبعد اغتيال أخيه السلطان محمد الرابع، تولّى الحكم وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، متخذًا لقب "الغالب بالله"، وهو اللقب الملكي الذي اشتهر به ملوك بني نصر.


إنجازاته في الحكم: 

تميّزت فترة حكمه بإنجازات عظيمة على مختلف الأصعدة:

  1. الرعاية العلمية والفكرية: كان السلطان يوسف الأول محبًا للعلم، وأسّس جامعة غرناطة، التي أصبحت مركزًا للمعرفة في الأندلس. كما دعم العلماء والأدباء، ومن بينهم وزيره الشهير لسان الدين بن الخطيب.
  2. النهضة العمرانية: شهد عهده تشييد العديد من الصروح المعمارية، أبرزها برج قمارش، الذي يُعد من روائع الفن الإسلامي.
  3. الإدارة الحكيمة: كان حازمًا في إدارة شؤون الدولة، فتمكّن من تحقيق الاستقرار الداخلي رغم التهديدات الخارجية.
  4. الصراعات العسكرية: خاض معارك للحفاظ على مملكته، وكان أبرزها معركة طريف عام 741 هـ، التي كانت نكسة للمسلمين.

صفاته الشخصية:

كان السلطان يوسف الأول يتمتع بشخصية مهيبة، فكان أبيض البشرة، براق الثنايا، كثيف اللحية، عذب الكلام. كما كان شاعرًا وأديبًا، ما جعله قريبًا من العلماء والمفكرين في عصره. وكان يتميز بالحكمة والهدوء، ما أكسبه احترام رعيته.


اغتياله ومأساة النهاية: 

في عام 755 هـ (1354م)، اغتيل السلطان يوسف الأول أثناء أدائه صلاة العيد، وهو ساجد في المسجد. كانت هذه الحادثة صدمة كبرى لمملكته، حيث فقدت غرناطة أحد أعظم ملوكها.

رثاء لسان الدين بن الخطيب له: عندما قُتل السلطان، رثاه وزيره وأديبه لسان الدين بن الخطيب بكلمات حزينة تعكس مكانته في قلوب أهل الأندلس:

"بكى الشرق والغرب السلطان الهمام،
وسالت دموع المجد حزناً على الإمام.
سجد لله طائعاً فخانه الأنام،
فسلامٌ عليك ما تلا القارئ السلام."


ظلّ أبو الحجاج يوسف الأول بن إسماعيل الأحمر رمزًا للعظمة في تاريخ الأندلس، فقد جمع بين القوة السياسية، والذكاء الثقافي، والرقي الفني، حتى أصبح اسمه خالدًا في سجل أعظم حكام المسلمين في الأندلس. كانت حياته مليئة بالإنجازات، ونهايته مأساوية، ولكن أثره في تاريخ غرناطة لا يُمحى. فهل كان سيستطيع إنقاذ الأندلس من السقوط لو طال به العمر؟

هذا هو المقال المطوّل عن السلطان أبو الحجاج يوسف الأول، وقد دمجت فيه النص الذي قدمته مع إضافة معلومات تاريخية وسياقية تعزز الموضوع. إذا كنت بحاجة إلى أي تعديلات أو إضافات، فأخبرني بذلك!


و هذا وزيره لــسان الــدين بن الــخطيب الاديب الــغرناطي بصفه و يرثيه في قصيدة طويلة  و بديـــــعة


قسما بالليل و ما وسقا

وآيات البدر إذا اتسقا

والنجم الثاقب حين هوى

راجما والصبح إذا انفلقا

وبنور الطور وقد أضحى

موسى لجلالته صعقا

لمخايل ملكك تخبرني

أن التأبيد لها خلقا

أحييت الدين وقد أودى

وأعدت الملك وقد خلقا

يا ناصر دين الله ومن

بعنايته الوثقى وثقا

مهدت لملكك مصطبحا

في ظل الأنس ومغتبقا

ونظمت المجد فوافره

غناك السعد به وسقا

طابت بوجودك أندلس

حسنت بجوارك مرتفقا

إن طاف بها شيطان عدى

يبغي لسمائك مسترقا

أو جاس خلال منازلها

قذفته سعودك فاحترقا

الله تخير يوسف من

غرر الأملاك هدى ونقا

كهف لجأ الإسلام له

فعفا وحمى وكفى ووقا

وأعز الرشد به فرقا

وأذل الغمى به فرقا

وافى وصباح الملك دجى

فانجاب الغاسق وأئتلقا

والأرض تضيق بساكنها

وتغص بريقتها شرقا

فاهتزت حين أتى وربت

وأسال بها ماء غدقا

وتداركها بعزائمه

ما مثل صفاح الهند رقا

وأقام الحق وجاء به

فإذا بالباطل قد زهقا

يجري في محكم راحته

أحكام سعادات وشقا

لو عاد البدر بغرته

لم يخش الخسف ولا امحقا

أو أم اليم بعزمته

يوما لتصدع وانفرقا

أو لاذ الوحش بجانبه

لم يرهب من عاد طرقا

مهلا فمواطر كفك ما

أبقت محتاجا ومرتزقا

ولقد أمرت حتى غمرت

وتخوف سائلك الغرقا

أبني الأنصار لك شرف

حكم آي القرآن به نطقا

آووا نصروا أو أذوا صبروا

كانوا لرسول الله وقا

حفظوه ببذل النفس كما

حفظوا بجفونهم الحدقا

ووفوا لله ما عهدوا

فما كذبوه إذ صدقا

ورضوا بالصبر فما وهنوا

جزعا في الدين ولا قلقا

أمجاهد دين الله لقد

أمنت بصارمك الطرقا

وخليفته في أمة من

بالوحي أتى وبه فرقا

هجرت النوم لطاعته

بالغزو وواصلت الأرقا

هذا النيروز أتاك بما

تهواه وبالبشرى سبقا

فسنملك أرض الروم فما

أبقيت بها إلا رمقا

كفروا بالله فأرهقهم

وملكت فزادهم رهقا

فالرمح ينضنض من شره

لهم والصارم قد دلقا

والخيل تهد مرابطها

وتقد أعنتها حنقا

شهب كالشهب إذا قذفت

دهم كالليل إذا غسقا

صفر كالشمس إذا جنحت

حمر وقد ألبست الشفقا

إما صهلت في أرض عدى

فغراب البين بهم نعقا

ما أرعد ركض سنابكها

إلا والصارم قد فرقا

يعتد بها ملك شهم

لو رام بها الشعرى لحقا

أو عارضها بالبرق كبا

أو أورد عين الشمس سقا

لولا كلمات سبقت

بالسلم وعهد قد سبقا

لتركت ديارهم قفر السلهام

وسلمهم نفقا

وجعلت مياههم غورا

وتركت صعيدهم زلقا

يا حزب الله وناصره

بالحق ومدرك ما سحقا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك