الأحد، 2 ديسمبر 2018

الشيخ محمد صالحين الشندويلي الأزهري الأنصاري: رحلة علمية من شندويل إلى الأزهر

رحلة علمية في خدمة الحديث الشريف: الشيخ محمد صالحين الأزهري



علماء شندويل البلد


الشيخ محمد صالحين الشندويلي الأزهري الأنصاري: مسيرة علمية حافلة بالعطاء

في أعماق صعيد مصر، حيث تتلاقى الأصالة بالعلم، وتحتضن القرى بين جنباتها نفحات من التراث الإسلامي العريق، وُلد الشيخ محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن صالحين بن حسن بن شافعين الأنصاري، من ذرية الصحابي الجليل سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري. نشأ في شندويل البلد، إحدى قرى محافظة سوهاج، تلك القرية التي لم تكن مجرد رقعة جغرافية، بل كانت موطنًا للعلم والعلماء، حتى أن اسمها خُلد في كتاب وصف مصر الذي وضعه علماء الحملة الفرنسية، حيث أشاروا إلى حدودها وسكانها، وذكروا أنها كانت مأوى لكوكبة من العلماء.

ولم يكن هذا الامتداد العلمي مجرد ذكر في كتب التاريخ، بل تكرر حضوره في كتب الحديث النبوي، حين جعلها الشيخ الدكتور أسامة الأزهري واحدة من محطات كتابه الشهير الأربعين البلدانية، وهو كتاب فريد من نوعه لم يؤلف مثله منذ أربعة قرون، حيث أورد فيه أربعين حديثًا نبويًا من أربعين عالمًا في أربعين بلدًا مختلفًا، وجاءت شندويل ضمن هذه القائمة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة والقاهرة والإسكندرية، وذلك تكريمًا لعلمائها الأجلاء.


النشأة وبزوغ النبوغ العلمي

كان للعلم مكانة راسخة في أسرة الشيخ محمد، فقد ورثه عن جده الشيخ عبد الرحمن علي صالحين، العالم الحافظ الذي يُروى عنه أنه فقد بصره من كثرة القراءة والاطلاع، وكان مجلسه قبلة للناس من شتى البلاد ينهلون من علمه ويسترشدون بحكمته. ترعرع الشيخ محمد في كنف هذه السيرة العطرة، ونهل من مكتبة جده الرحبة، وكأن القدر شاء أن يجعل بصره يخبو كما خبا بصر جده، لكنه عوض ذلك ببصيرة نافذة وإيمان راسخ بقضاء الله.

ألحقته والدته بالتعليم الأزهري، فكان نبوغه واضحًا منذ الصغر، إذ حفظ القرآن الكريم كاملًا قبل أن يتم العاشرة من عمره. وفي مراحل دراسته، تميز بتفوق استثنائي، فحصل على المركز العاشر على مستوى الجمهورية في الثانوية الأزهرية، ثم واصل تألقه ليكون من أوائل الجمهورية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، حيث تخرج عام 2011م.



مساجد شندويل البلد مركز المراغة محافظة سوهاج

رحلة الدعوة وخدمة القرآن الكريم

بعد تخرجه، بدأ الشيخ محمد فصلًا جديدًا من حياته، قائمًا على ركيزتين أساسيتين: الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والسعي المستمر لاستزادة العلم. عمل خطيبًا لمسجد الرحمن بشندويل البلد، وشارك مع زملائه من مشايخ القرية في نشر الفكر الأزهري المعتدل، ومواجهة الفكر المتطرف، كما أنشأ حلقة الشيخ محمد صالحين الأزهري لتحفيظ القرآن الكريم بمسجد الرحمن، والتي سرعان ما أصبحت مقصدًا للأهالي الذين أرادوا لأبنائهم أن ينشأوا على أسس علمية ودينية متينة.

تميزت الحلقة بتفوق طلابها، ليس فقط في حفظ القرآن الكريم، بل أيضًا في التحصيل الدراسي والسلوك الأخلاقي، حتى أن طلابها حصدوا جوائز على مستوى القرية، مركز المراغة، بل والجمهورية. ويروي الشيخ محمد بفخر بعض النماذج المضيئة قائلًا:
"أحد طلابي في الصف الرابع الابتدائي حفظ سورة المؤمنون في ثلاثة أيام، وآخر حفظ سورة مريم في ثلاثة أيام، بينما تمكن طالب آخر من إتمام سورة لقمان في يومين فقط."



حلقة الشيخ محمد صالحين الشندويلي الازهري الأنصاري لتحفيظ القرآن


الدعوة عبر المنابر الإلكترونية

لم يقتصر نشاط الشيخ محمد على المساجد فقط، بل أدرك أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الدعوة، فاستثمر في المنصات الإلكترونية، سواء من خلال شبكات التواصل أو عبر شبكة ورتل الإسلامية على الإنترنت واليوتيوب، مما جعله يحقق انتشارًا أوسع، ويصل برسالته إلى جمهور أوسع من الباحثين عن العلم والهدى.





التكريم والمسيرة الأكاديمية

نظرًا لجهوده في نشر العلم والدعوة، حظي الشيخ محمد بتكريم من رئيس جامعة سوهاج الأستاذ الدكتور أحمد عزيز عبد المنعم، والأستاذة زاهية الطيب، وذلك في إطار مبادرة خليك إيجابي.. إحنا ولادك يا مصر.


شهادة أجازة برواية الحديث الشريف للشيخ محمد صالحين شافعين الأزهري الأنصاري
الشيخ محمد صالحين الأنصاري يحصل على إجازة برواية الحديث الشريف

وفي يوم 29 نوفمبر 2018م، بجامعة المنيا، في قاعة مركز المؤتمرات الكبرى، ناقش الشيخ محمد صالحين الأزهري رسالة الماجستير في الحديث وعلومه، أمام لجنة علمية موقرة ضمت كبار العلماء، وهم:

1. فضيلة الأستاذ الدكتور إسماعيل فهمي عبد اللاه محمد، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة سوهاج.

2. فضيلة الأستاذ الدكتور عزت شحاتة كرار، أستاذ ورئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم، جامعة المنيا.

3. فضيلة الأستاذ الدكتور آمال محمد عبد الغني، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة المنيا.

وبعد مناقشة علمية ثرية، أقرت اللجنة بتميز الرسالة وأهميتها، ومنحته درجة الماجستير بامتياز.





ثم جاءت الخطوة التالية في مشواره الأكاديمي، حيث ناقش في يوم السبت 25 ديسمبر 2021م، الموافق 21 جمادى الأولى، رسالة الدكتوراه تحت عنوان:
"تعقبات الحافظ الزيلعي الحديثية في كتابه نصب الراية لأحاديث الهداية – جمعًا ودراسة."

وكانت لجنة التحكيم مكونة من كبار العلماء:


1. فضيلة الأستاذ الدكتور إسماعيل فهمي عبد اللاه، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة سوهاج.

2. فضيلة الأستاذ الدكتور وجيه محمود أحمد، أستاذ ورئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة المنيا.

3. فضيلة الأستاذ الدكتور معتمد علي أحمد سليمان، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة أسيوط، وعميدها الأسبق.

4. فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عبد الناصر سيد، أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بكلية الآداب، جامعة المنيا.


وخلال المناقشة، أشادت اللجنة بمستوى البحث وأهميته، حيث جاءت الرسالة في 650 صفحة من التحليل العميق والبحث المتقن، وأجمعت اللجنة على منحه درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى، تقديرًا لتميزه العلمي وجهوده البحثية.




فديو/ ملخص رسالة ماجستير الشيخ محمد على صالحين الازهري الأنصاري

عطاء مستمر في خدمة العلم والدين


بهذه المسيرة الحافلة، لا يزال الشيخ محمد صالحين الشندويلي الأزهري الأنصاري نموذجًا يُحتذى به في الجد والاجتهاد والعطاء العلمي والدعوي. فهو لم يكتفِ بالتحصيل الأكاديمي، بل واصل رسالته في نشر العلم وتعليم الأجيال، ساعيًا لأن يكون منارة هداية في زمنٍ تموج فيه التحديات الفكرية والعقدية.

بارك الله في علمه وعمله، وجعل جهوده في ميزان حسناته، ونفع به الأمة الإسلامية.




موضوعات ذات صلة :









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك