السبت، 11 يناير 2025

الأنصار بين الماضي والحاضر: تفنيد الادعاءات بانقطاع نسلهم


لطالما كانت قبائل الأنصار رمزًا للعز والشرف، متجذرة في تاريخ الإسلام ومباركة بشهادة النبي ﷺ. إلا أن هناك من يسعى، عن جهل أو قصد، إلى تشويه هذا الإرث العظيم، مدعيًا انقطاع نسلهم وتقليل شأنهم. تلك الادعاءات لا تستند إلى حقائق تاريخية أو علمية، بل إلى أهواء وأغراض شخصية لا تخفى على أحد.

للأسف، هناك من يحارب الأنصار ويدّعي عليهم زورًا وبهتانًا. وللأسف أيضًا، وُجد من يدعمه ويصفق له ممن ينسبون أنفسهم إلى الأنصار على موقع "النسابون العرب" برئاسة د. أيمن زغروت، متناسين الأحاديث النبوية الشريفة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار" (رواه البخاري ومسلم).

وفي حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله" (رواه البخاري ومسلم).



نعم لقد خاضوا في أنسابنا وادّعوا انقطاع عقب أجدادنا، وانقطاع نسل معظم الصحابة الأنصار، وأن قبيلتي الأوس والخزرج توشك على الانقراض، محتجّين بالحديث النبوي الشريف:

«فإنَّ هذا الحيَّ مِن الأنصارِ يَقِلُّونَ ويَكثُرُ النَّاسُ حتَّى يَكونُوا في النَّاسِ بمَنْزِلَةِ المِلْحِ في الطَّعَامِ»، مفسرينه على هوى أغراضهم الدنيئة.

وجمعوا قصاصات فارغة للتداول على انقطاع عقب جلّ رجال الأوس والخزرج، صحابة رسول الله ﷺ! واعتمدوا العائلات القليلة التي تحمل اللقب الصريح للعائلة (الأنصاري)، ويجب أن تكون قليلة العدد كدليل رئيس على صحة نسبهم، أما إذا كانت قبيلة أعداد أبنائها بالآلاف فهي في عرفهم غير أنصارية دون جدال!

هدفهم هدم نسب قبائل أنصارية كبيرة مثل عشائر الأوس والخزرج في العراق، وقبيلة النصيرات في العراق، الأردن، فلسطين، ومصر، وقبيلة أولاد تيدرارين في شمال إفريقيا، وقبائل البقيرية، والتميمية، والمعابدة، والبياضية، والركابية، والنجمية، والشهابية في مصر، ومعظم قبائل الأنصار المنتشرة في الأقطار العربية والإسلامية. هؤلاء قبائل كبيرة العدد، ولكنهم تجاهلوهم عمدًا!

ولقد خرج لهم من يزود ويدافع عن نسب قبيلته السادة البياضية الأنصارية على منصتهم نفسها "النسابون العرب".


الرد على ادعاء صحة نسب الأنصار في قلة العدد:

▪️نعم، الأنصار كالملح في الطعام، كما قال الحبيب المصطفى ﷺ. والتفسير الصحيح أنه لا يمكن الاستغناء عن الملح، فمن دونه يفقد الطعام طعمه ومذاقه ويصبح منفّرًا.


▪️يا أيها المضللون، آخر إحصاء لتعداد شعوب الوطن العربي يقارب الـ 500،000،000 مليون نسمة. لو فرضنا أن تعداد ذرية الأنصار 3% فقط موزعين على بلاد الوطن العربي، أي ثلاثة أفراد في كل مئة فرد، لكان تعداد الأنصار وفق هذه الفرضية حوالي الـ 15 مليون أنصاري موزعين على بلاد العالم العربي. هل هذا كثير. ؟!


▪️وقد فسر الحافظ ابن حجر في كتابه "فتح الباري" حديث رسول الله ﷺ من زاوية أخرى لا تقول بانقراضهم، حيث قال: "وإن الناس سيكثرون ويقلون"، (أي أن الأنصار يقلون، وفيه إشارة إلى دخول قبائل العرب والعجم في الإسلام، وهم أضعاف أضعاف قبيلة الأنصار. فمهما فرض في الأنصار من الكثرة كالتناسل، فرض في كل طائفة من أولئك، فهم أبدًا بالنسبة إلى غيرهم قليل) بمعنى يقبل قبائل العرب والعحيم علي الاسلام وفيه يقل عدد الأنصار في الساحة مقارنة بكامل أعداد المسلمون بجميع قبائلهم و عشائرهم.


▪️ونجتهد نحن ونقول: لعل رسول الله ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى قصد بقوله "يكثر الناس في المدينة ويقل الأنصار" بالمدينة المنورة نفسها موطنهم دون غيرها من البلاد. قال المقريزي في ذكر الأنصار: "هم الجم الغفير بالأندلس". وقال ابن سعيد: "والعجب أنك تعدم هذا النسب بالمدينة وتجد منه بالأندلس في أكثر بلدانها ما يشذ عن العدد كثرة". ولقد أخبرني من سأل عن هذا النسب بالمدينة فلم يجد إلا شيخًا من الخزرج وعجوزًا من الأوس. أ.هـ. وكان ابن سعيد بالمدينة سنة 651 هـ. وهذا ما يتفق مع حديث رسول الله ﷺ. قلت: أعدادهم قليلة جدًا بالمدينة المنورة، ولكنهم الجم الغفير بالأندلس.

خريطك أنتشار القبائل العربية بالأندلس

▪️كما أن قبائلنا لها ألقاب حديثة، وهذا يجعل حجم وانتشار قبيلة الأنصار في الظاهر أقل من القليل، وعائلاتها متفرقة في القرى هنا وهناك، يقلون في بلاد، ويكثرون في بلاد، وينعدم وجودهم في أخرى. وبعضهم لا يعرف نسبه الأنصاري ولا يشارك في أي تجمع، خاصة مع عدم وجود هيئة تجمعهم تحت لوائها في كل قطر.


أسئلة مشروعة للشريف الدكتور أيمن العزازي:

🔸ألا يعرف الشريف الدكتور أيمن زغروت العزازي، كاتب المقال ومؤسس موقع "النسابون العرب"، القول الشهير في مصر عند الثقات من أهل السادة الأشراف نقدًا لنقابتهم: "هذا شريف نسب، وهذا شريف كرنيه

نقول نحن أنسابنا معروفة ومحفوظة بالتواتر، ولم تصدر لنا شهادات نسب تُشترى بالمال، ولم يتحول جمعنا الأنصاري إلى شكل الحزب السياسي أو الجمعيات الأهلية التي تعتمد على الكرنيه، حالنا كحال القبائل المعروفة الثقات من السادة آل البيت التي لم يضف لها كرنيه النقابة شرفًا، بل هم من زانوا النقابة. هم أخوالنا، ونحن أخوالهم، وصلات المصاهرة بيننا وبينهم تمتد من فجر الإسلام إلى أبد الدهر.


🔸لم نركَ، دكتور، تنتقد كثرة الداخلين بالباطل إلى نسب آل البيت، هذا النسب الطاهر، بشهادة الثقات من شيوخ ونقباء عائلات السادة الأشراف، بسبب منح الشهادات وإصدار المقالات والمؤلفات دون تحقيق أو تدقيق لأغراض أنتم تعلمونها؟

أنت نفسك تفعل ذلك أمام أعين الجميع على منصتك "النسابون العرب". في كل يوم تخرج علينا بعائلة جديدة تُدخلهم النسب الشريف، بل وتحول أنساب قبائل وعائلات عربية قحطانية وعدنانية معروفة إلى النسب الشريف، ثم تأتي لتقطع عقب أجدادنا.!

هذا ليس ادعاء منا عليك، بل هو أمر معروف منشور في كثير من المقالات. وهذه إحداها، افتح الرابط.مقال بعنوان / ظاهرة أكلوني البراغيث في بعض كتب المتأخرين في علم الأنساب


صورة من المقال 

🔸لماذا تفسر على هواك حديث رسول الله ﷺ: (يكثر الناس ويقل الأنصار)، وتركن وراء ظهرك ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "أسرع قبائل العرب فناءً قريش، ويوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول: إن هذا نعل قرشي"؟!(حديث صحيح)، وكثير المقالات التي سألتك هذا السؤال أفتح الرابط: مقال بعنوان / الرد علي الباحث ايمن زغروت. 

ونكرر هل تتذكر حديث رسول الله ﷺ هذا وانت تمحص في النسابون العرب و مؤلفاتك وقناتك أنساب العائلات التي تبشرها بالنسب الشريف؟ 

صورة من المقال اعلاه 

🔸هل يعقل يا دكتور أن كل هذه الأنساب الشريفة، ما بين قبائل معروفة مشهورة موثوقة من آل البيت وفروع بالملايين مزورة عن طريق الكرنيه، جميعهم من صلب رجلين اثنين فقط: سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهما وأرضاهما؟ والألوف من رجال صحابة رسول الله ﷺ الأنصار الأوسيين والخزرجيين، الذين حسبت لهم قريش ذات يوم ألف حساب، جميعهم انقطع عقبهم ولم يعقبوا ذكورًا؟!


🔸ألا تعلم أن من يطعن في الأنساب بالباطل يسخر الله من يطعن في نسبه؟ وكما تدين تدان. نحن، ولله الحمد والفضل والمنة، نخشى الله عز وجل ولا نطعن في نسب أحد. ولكن ألم تقرأ مقال "حكاية اليهودي الذي أصبح سيدًا من أهل البيت" والذي نسب آل العزازي ليهود المغرب. ؟!


▪️بالعودة الى السادة الأنصار، لنا في قبيلة بني محمد الشهابية الأنصارية من ذرية محمد بن أحمد بن شهاب الدين الأنصاري الخزرجي النجارى، من ذرية الصحابي الجليل حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، خير مثال ودليل. تمثلهم اليوم قرية بني محمد الشهابية التابعة لمركز أبنوب بأسيوط. وهناك من ادعى على سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه بانقطاع عقبه، وأول من قال ذلك هو "مصعب الزبيري"، الذي لا يحدد مصادره في أغلب مؤلفاته، في حين أن كبار النسابة مثل الحمداني، المقريزي، القلقشندي، والسويدي ذكروا أن لحسان عقبًا في مصر هم "بنو محمد الشهابية" بأسيوط.


رسالة إلى المضللين: قبائل الأنصار باقية بعزها وشرفها، ثابتة كالجبل الأشم.

أيها العابثون، اعلموا أن السادة الأنصار ليسوا بحاجة إلى استعراض أو تباهٍ، فهم أهل الإيثار وإنكار الذات، كما كانوا على مر العصور. هم أولئك الذين نصروا الدين يوم خذله الناس، واحتضنوا رسول الله ﷺ يوم اشتدت المحن، فخلدهم التاريخ في صفحاته المضيئة، وجعلهم نبراسًا للشرف والكرامة.

نحن "حفنة الملح" التي لا تُعد حباتها، ولا ينقطع أثرها، بل تزداد رسوخًا وانتشارًا كلما حاولتم تشويهها. أنسابنا محفوظة بحفظ الله، موثقة بتواتر الشرفاء، ومباركة بدعاء النبي ﷺ الذي رفع الله به شأننا  بين الأمم.

فاتقوا الله في أنفسكم، وكفّوا عن عبثكم، فلن تهدموا نسبًا أرسى دعائمه الإيمان، وشهدت له المواقف، وحفظه التاريخ بأمانة، فهو عزٌّ لا يزول، وشرفٌ لا يُطال.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك