الأحد، 26 يناير 2025

قصر الحمراء: كنز إسبانيا الذي يروي تاريخ الإسلام



قصرُ الحمراء هو قصرٌ أَثري وحصن شَيَّده الملك المسلم العربي أبو عبد الله محمد الأول محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر بن الأحمر بين 1238-1273 في مملكة غرناطة خِلالَ النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي.


 يعد الآن من أهم المعالم السياحية بأسبانيا ويقع على بعد 267 ميلًا (430 كيلومتر) جنوب مدريد. تعود بداية تشييد قصرِ الحمراء إلى القرن الرابع الهجري، الموافق للقرن العاشر الميلادي، وترجع بعض أجزائه إلى القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي. وقد أستغرق بناؤه أكثر من 150 سنة.

غرناطة 

اكتسبت شخصيتها التاريخية كمنارة للعلم وحاضنة للمعرفة، حتى غدت أكثر جامعات العالم تفرداً في عهدها، في عهد بني الأحمر بعد ذلك بقرابة القرنين من السنين.


من الصحيح أيضاً أن غرناطة بني الأحمر وحواضر عربية وإسلامية أخرى كانت حلقة الوصل المعرفية التي انتقلت بأوروبا كلها من مخاض العصور الوسطى بجهلها الشديد و قذارتها القبيحة؛ إلى عصر النهضة و التفتح و الرقي،


 لم تغب غرناطة عن وجدان العرب و المسلمين حتى يومنا هذا و ها هو الشاعر المهجري فوزي المعلوف يتوعد بعودته إليها ليثأر لأجداده 


  غرناطةٌ لعبَ الزمانُ بشملِنا 

                             وقضى القضاءُ فما لعهدك مرجعُ 


 ما أَنتِ بعد دريدَ إلّا مَهمهٌ 

                               قفر ُ  وما مغناكِ إلّا بلقعُ 


 سأعودُ لكن كالصواعقِ حاملاً 

                             ناراً تصُبُّ على بنيك فتَصرعُ 


 متحفِّزاً للثأر وحشا ً ضارياً 

                              يحلُو لهُ كرع ُ الدماءِ فيكرعُ” 


واللافت في أمر هذه القصيدة، التي كُتبت في عهد الاستعمار الفرنسي، أمران: 

يتمثل الأول في الردّ على الاحتلال الناشئ في أرض الوطن بـ “عودة” إلى “غرناطة” التي أُخرج منها العرب حتى لو كانت امرأة محلوم بها وليست وطنا أو مدينة إنما ينبغي استعادتها.. 


الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها

                         والزركشات على السقوف تنادي 


  قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا

                           فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي  


 عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها 

                          رجلاً يسمـى “طـارق بن زياد”   

(* نذار قباني)


 من سِمات العمارة الإسلامية الواضحة في أبنية القصر؛ استخدام العناصر الزُخرفية الرقيقة في تنظيمات هندسية كزخارف السجاد، وكتابة الآيات القرآنية والأدعية، بل حتى بعض المدائح والأوصاف من نظم الشعراء كابن زمرك، وتحيط بها زخارف من الجص الملون الذي يكسو الجدران، وبلاطات القيشاني الملون ذات النقوش الهندسية، التي تغطي الأجزاء السفلى من الجدران.


في سنة 2007، اُخْتِيرَ قصرُ الحمراء ضِمن قائمة كنوز إسبانيا الإثنى عشر في استفتاءٍ صوّت فيه أكثر من تسعة آلاف شخص.


ثمة خلاف بشأن سبب تسمية هذا المعلم البارز باسم قصر الحمراء، فهناك من يرى أنه مشتق من بني الأحمر، وهم بنو نصر الذين كانوا يحكمون غرناطة بين عامي 629 -897 هـ / 1232 - 1492م، 


بينما يرى آخرون أن التسمية تعود إلى التربة الحمراء التي يمتاز بها التل الذي تم تشييده عليها. من التفسيرات الأخرى للتسمية أن بعض القلاع المجاورة لقصر الحمراء كان يُعرف منذ نهاية القرن الثالث الهجري، الموافق للقرن التاسع الميلادي؛ باسم المدينة الحمراء.


بدايةً لم يكن قصرُ الحمراء سوى جزءا من مدينةِ الحمراء أو "قصبة الحمراء" التي تشمل قصر الحاكم والقلعة التي تحميه. وكانت مباني دور الوزراء والحاشية تتطور مع الوقت حتى غدت قاعدة ملكية حصينة.


لما دخل القائد العربي أبو عبد الله محمد الأول غرناطة والمعروف أيضا باسم محمد بن نصر والملقب بالأحمر،نسبة للون لحيته الحمراء حكم غرناطة، بعد سقوط الدولة الموحدية، رحب به الشعب بهتافات :مرحبا بك يا أيها المنتصر، والذي أجاب: لا غالب اليوم إلا الله، وهذا هو الشعار المكتوب في جميع أنحاء الحمراء.


أنشأ سورًا منيعًا حول الهضبة التي قامت عليها "قلعة الحمراء"، وبنى داخل هذا السور قصرًا أو مركز حكومته، وسميت القلعة "القصبة الحمراء"، وصار قصر الحمراء جزءًا منها، وغدت معقل غرناطة الهام.


في أواخر القرن السابع الهجري، أنشأ محمد بن محمد بن الأحمر الغالب بالله ـ ثاني سلاطين غرناطة ـ مباني الحصن الجديد والقصر الملكي، ثم أنشأ ولده (محمد) في جوار القصر مسجدًا قامت محلّه فيما بعد (كنيسة سانتاماريا )


تم الانتهاء من بناء المسجد قبل نهاية حكم المسلمين في الأندلس؛ 


بني على يد يوسف الأول (1333-1353)م (7333-754) هجري ومحمد الخامس سلطان غرناطة (1353-1391) ميلادي (754-7922) هجري مع انقطاع بين سنتي 760 و763 خُلع خلالهما عن الحكم، ثم عاد إليه مجددًا ليبدأ في المرحلة الثانية من حكمه أهم التطويرات، ويكتب أغلب الأشعار التي يزدان بها القصر.


🔹 هذه القصيدة مما يزين بها نقوش القصر : 


ألهِمْ جَنانَ مُحِبٍّ قدْ سَمَا بِهوًى      

                            يَسقِيْ رُبوعَكَ إنْ ناديتَ تَحْنانا


اُسْكُنْ بقلبِ كَسيرٍ قدْ رَأى نُزُلاً    

                            مِن النَّعيمِ بأرضِ الغَربِ وَلْهَانا


في أرضِ أندلُسٍ قد قمتَ مفتخِراً      

                          تَسْبِيْ العيونَ ، تَفُوقُ الوَصفَ أحْيَانا


فِيْكَ الأزاهيرُ والأشْجَارُ في وَلَهٍ    

                          والماءُ يُرخِيْ سُدُوْلَ العطفِ مُزْدَانا


أحجارُكَ الغُرُّ تَبدوْ وهْيَ قائمةٌُ 

                           تِيجانَ عِزٍّ عَلَتْ بالمجدِ أَكوانا


فِيكَ النسائمُ تَهفوْ في خمائلِها    

                               آياتُ عشقٍ تُثيرُ الوَجْدَ ألوانا


حتّى اللياليْ غدَتْ فجْرًا مُزغردةً    

                          معَ المَداخِلِ أسرارًا وأشجانا


فاشمَخْ بأرضٍ سَبَاها الكُفر، مُنتصراً، 

                         بَشِّرهُمُ بقُدُومِ النُّورِ طُوْفانا


طوفانَ حقٍّ يُعيدُ المجدَ، يَصنَعُهُ 

                        لدينِ حقٍّ تَسامَى في حَنايانا


لا تَبْكِ إنّ بَهيمَ الليلِ يُشعِرُنا

                         أنّ الصَّباحَ سيعلُوْ الأُفْقَ إيذانا


.. إنْ كان عندهُمُ زَيفٌ فإنَّ لَنا 

                          للدِّينِ جَيشًا وأنصاراً وأعوانا


آتُونَ نُحْييْ لكَ الآمالَ نُرْجِعُها

                        كَيْمَا نُسَطِّرَ فيكَ المجدَ عُنوانا


نَقولَُ لِلكَونِ -فلْيَشْهَدْ مآثرَنا-: 

                           هذِيْ سِمَاتُ جُنودِ اللهِ بُرهانا


فاللهُ أعطَى وُعُودَ النصرِ كاملةً 

                         للمُتّقينَ.. ونَصرُ اللهِ قَدْ حَانا






























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك