تعد قبيلة المرابطين الأنصار الخزرج من أقدم وأشهر القبائل التي استوطنت مناطق جنوب ليبيا، حيث ارتبط تاريخها بزاوية براك في وادي الشاطيء بفزان. يعود تواجدهم في هذه المنطقة إلى بداية القرن العاشر الهجري، مع قدوم الجد الأعلى سيدي عبد الله سبال العين الجداوي الخزرجي الأنصاري، الذي أسس قاعدة اجتماعية ودينية مهمة أثرت في المنطقة وما حولها. من خلال هذا المقال، نلقي الضوء على تاريخ هذه القبيلة العريقة وأصولها، ونستعرض أبرز فروعها وأعلامها الذين لعبوا دورًا بارزًا في الحياة الدينية والعلمية والاجتماعية في فزان.
أبناء سيدي عبد الله سبال العين الجداوي الخزرجي الأنصاري - فزان، ليبيا: تعود تواجد المرابطين الأنصار في جنوب ليبيا إلى بداية القرن العاشر الهجري تقريبًا، عندما قدم الجد الأعلى لهم، وهو: {الحاج أبو محمد عبد الله بن الحاج محمد بن فضل بن عمر بن علي الجداوي السلمي الخزرجى الأنصاري} إلى منطقة وادي الشاطئ بفزان، حيث نزل في المكان الذي عُرف فيما بعد باسم (عين براك). أقام في هذا المكان الذي شهد نموًا وتطورًا، وجذب الكثير من السكان، خاصة بعد أن سمح للنازلين الجدد بحق استغلال ماء النبع لإنشاء مزارع خاصة بهم. وقد جعل هذا الحق وقفًا جاريا. نتيجة لذلك، لقب {عبدالله سبــال العين} لكونه جعل العين سبيلا عامًا لوجه الله الكريم. وهكذا نمت القرية التي سميت "زاوية براك" التي قامت على نبع الماء، وأنشأ فيها مسجدًا وزاوية لتعليم القرآن الكريم وتقديم العون للناس.
بعد وفاته، دُفن في ناحية من أملاكه القديمة في زاوية براك الشاطئ، أمام أحد البساتين التي أوقفها على أحفاده، وتسمى "الزمالية"، وتحديدًا في سطر سيدي عبد الله. ولا تزال إلى يومنا هذا معروفة بمكانها، ويُعتبر ضريحه من المعالم المشهورة بين الناس في المنطقة، حيث يُعد من أولياء الله الصالحين المشهود لهم بالتقوى والورع والصلاح.
جرت العادة في ليبيا أن يُطلق على الولي لقب (المرابط)، ومن هنا شاعت تسمية (#المرابطين) التي اشتهر بها أحفاده فيما بعد.
أسس سيدي عبد الله سبال العين قبيلة المرابطين التي نشأت في زاوية براك، وانتقل بعض أبنائها من ذريته في الفترات اللاحقة إلى البلدات المجاورة (أشكدة، آقار، تامزاوة، القرضة وغيرها) بسبب ظروف المعيشة، وأقاموا فيها بشكل دائم. وهم يشكلون الآن مجموعة حضرية كبيرة تقيم بمنطقة وادي الشاطئ ومناطق أخرى من ليبيا وخارجها. ويتصل نسبهم بالقبيلة العربية الأصيلة (الخزرج الأنصار).
وتتألف قبيلة الأنصار في تجمع وادي الشاطئ من أبناء المرابط سيدي عبد الله سبال العين بجميع بيوتهم وعائلاتهم كما يلي:
أولاً: العثامنة:
ومن عقبهم: (البرادنة أبناء بدر الدين) ويقيمون بزاوية براك الشاطئ.
ثانيًا: أولاد فضل: وينقسمون إلى البيوت الآتية:
⬛️ أولاد أبوبكر بن إسماعيل ويقيمون بأشكدة الشاطئ وهم:
- أولاد الفقيه إسماعيل (أولاد حمد / أولاد محمد / أولاد طاهر).
- أولاد قاسم (أولاد نور الدين / أولاد الحاج إبراهيم ويشهرون الآن بأبناء فضل).
- أولاد محمد (أولاد الرشيد).
⬛️ أولاد بلقاسم بن إسماعيل ويقيمون بدبدب الشاطئ وهم:
- أولاد الأخضري
- أولاد يوسف.
⬛️ أولاد قاسم (بيت القاضي الرشيد) ويقيمون بزاوية براك الشاطئ.
⬛️ أبناء لجواد ويقيمون بزاوية براك الشاطئ.
⬛️ أولاد سالم بن يوسف وهم:
- السوالم
- الكداوي
- العلاوي
- البكور
- الوسفى: ويقيمون بآقار الشاطئ.
ثالثًا: أولاد عبد الواحد:
وهم: (العلاونة/الفقهاء) ويقيمون بزاوية براك الشاطئ والقرضة الشاطئ.
وهذه التسميات المذكورة أعلاه هي التي يعرفون بها حاليًا بين الناس، كلٌ حسب منطقة إقامته.
وهم مرابطون من أصل عربي، وينحدرون من عبد الله سبال العين الوافد من جدة بالحجاز ودفين براك. ومنهم الشعبة المعروفة بهذا الاسم في براك وأشكدة وآقار.
وقد وردت في الوثائق عدة صيغ لإسم الجد الأعلى الشيخ سيدي عبد الله سبال العين ويشهر (الجداوي) وأيضًا (صاحب زاوية براك) كما ورد في العديد من الوثائق التاريخية القديمة المرفقة بالبحث. نجد أن أبناء القبيلة يكتبون أسماءهم في معاملاتهم حتى الجد السادس والسابع وصولاً إلى الجد الأعلى، مذيلاً بلقبهم ونسبهم إلى قبيلتهم (الأنصاري)، كعادة العرب في كتاباتهم. "واستحب الفقهاء أن يكتب الرجل اسمه واسم أبيه وجده ونسبه لرفع الإشكال، وقلما يقع مع ذكر هذه الأربعة اشتباه في اسمه أو التباس في أمره."
وبالنظر إلى أسماء العائلات، نجد أن الكثير منها قد تغير حسب الفترات الزمنية التي عاش فيها أجدادهم. على سبيل المثال، "العثامنة" سموا بذلك نسبة لجدهم عثمان، أحد أحفاد الشيخ، ثم عرفوا "بالبرادنة" نسبة لجدهم بدر الدين. وحاليًا يعرفون به أو "أبناء بدر الدين"، وكذلك الحال مع أسماء بقية اللحمات المكونة لقبيلة المرابطين الأنصار، لذا فقد نجد تغيرًا في الاسم الذي يطلق عليهم حاليًا عن اسمهم قديمًا. ما ذلك إلا نتيجة لتعدد الفروع في البيت الواحد.
والجدير بالذكر أنه قد أخبرنا أحد أبناء الأنصار بأنهم عندما كانوا صغارًا يقرأون القرآن في زاوية براك مع أقرانهم، كان شيخهم، وهو المرحوم سيدي الحاج محمد بن علي بن عمر، يذكرهم دائمًا بأن أصلهم من سلالة الأنصار ويخبرهم بأن جدهم قدم من الحجاز، ويحثهم على السؤال عنهم والتواصل معهم يوما ما.
"ومع تفاقم الخطر الأوروبي في منتصف القرن الخامس عشر وعجز الدول الإسلامية القائمة عن صدّه، انتشرت ظاهرة التصوف الجهادي وتأسيس الرباطات والزوايا لمقاومة الكفار ونشر الإسلام. وهكذا تأسست دولة أولاد محمد الشريفة بفزان، ودعمتها زاوية المرابطين الحضيريين بسبها، وزاوية المرابط عبد الله (سبال العين) الجداوي السلمي الخزرجي الأنصاري بمناطق الشاطئ."
وقد كانت تربط المرابطين وأولاد محمد علاقات طيبة ومميزة. ويذكر التاريخ مشاركتهم في إبرام معاهدة الصلح التي تمت بين السلطان محمد بن جهيم، أحد سلاطين دولة أولاد محمد، ومحمد باشا الساقزلي، ممثل السلطة العثمانية في طرابلس {1036هـ/1626م}، والتي استقر الحكم بموجبها لدولة أولاد محمد في منطقة فزان، واستمرت لحوالي ثلاثة قرون منذ أواخر القرن الخامس عشر الميلادي. واستفاد أولاد محمد من خدمات (المرابطين) كإداريين وقضاة وأئمة مساجد ووكلاء شرعيين. وقد أعطى ذلك للمرابطين نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا وأدبيًا متزايدًا، وأصبحوا بالتالي يشكلون فئة اجتماعية هامة بالمنطقة منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا.
وبرز العديد من أبناء المرابطين الأنصار في عدة مجالات وأصبح لهم دور مهم في إثراء الحياة العلمية في منطقة فزان. وبحوزة أحفادهم الكثير من المخطوطات والوثائق التاريخية الدالة على ذلك، خاصة وأنه كان العديد منهم من حفظة كتاب الله العزيز القرآن الكريم. نذكر منهم على سبيل المثال:
▪️ المرابط عبد النور بن الحاج عبد الرحيم بن الحاج عبد الصمد بن عثمان بن عبد الله سبال العين، والذي كان له دور بارز في إتمام معاهدة الصلح بين السلطة العثمانية في طرابلس وحكام أولاد محمد.
▪️ القاضي محمد الرشيد بن محمد الرشيد، الذي عمل قاضيًا ببلدان الشاطئ لفترة من الزمن، وكانت تتلقاها أسرته واحدًا تلو الآخر حتى لقبت عائلتهم بعائلة القاضي الرشيد.
▪️ الشيخ الفقيه محمد بن عبد الواحد بن البشير، الذي عمل مفتياً لقضاء الشاطئ وخطيب جامع براك المحروسة.
▪️ المرابط الشيخ علي الزيداني بن محمد بن عبد الله بدر الدين، الذي عمل شيخًا لمشايخ براك بمحلاتها الأربع.
▪️ الشيخ العالم محمد البشير بن علي بن محمد بن أبي بكر، الذي ذاع صيته كعالم وفقيه في مناطق الجنوب والشمال الليبي وفي بعض مناطق المغرب العربي.
▪️ الشيخ الفقيه محمد بن علي بن عمر بن عبد القادر بن عمر بن عبد الدايم بن عبد الواحد بن يحمد الأنصاري، الذي كان معلمًا ومخرجًا للكثيرين من حفظة القرآن الكريم في المنطقة.
يرتبط أبناء المرابطين الأنصار بعلاقات نسب ومصاهرة مع العديد من القبائل العربية الليبية من الحضر التي تقيم بالمنطقة مثل العواشير والأشراف والزويات والغرارات وأبناء بالفقيه وغيرها، وقبائل البادية مثل المقارحة والقذاذفة والحساونة وأولاد سليمان وأولاد بوسيف والمشاشية وغيرهم من القبائل العربية التي تشكل فسيفساء لوحة القاعدة السكانية في ليبيا.
- المصادر:
▪️حبيب وداعة الحسناوي، "وثائق دولة أولاد محمد بفزان"، المجلد الأول، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، سلسلة وثائق
▪️مصطفى خوجة، "تاريخ فزان"، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، تحقيق د: حبيب وداعة الحسناوي
▪️الكولونيل هنريكودي دي أغسطيني، "سكان ليبيا"، القسم الخاص بسكان طرابلس الغرب، ترجمة د: خليفة التليسي
___________________________
قبيلة المعابدة الأنصار بصعيد مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك