في أطار البحث عن تاريخ قبيلة المعابدة بصعيد مصربتكوينها المغربي الأندلسي وتلمس موروثها وعادات أهلها كما أوضحنا
بمقال المعابدة عبر الصحراء وفي طريقنا لذلك وجدنا أن الحضور الأندلسي بمصر كان ولا ذال كبير
له تاريخه الطويل والحافل وإحياءا لذلك التاريخ نقدم لحضراتكم هذا المقال.
جاء بكتاب العائلة والثروة للدكتور حسام محمد عبد المعطي :
وراحت السفن الأسبانية و الفرنسية تنقل أعدادا كبيرة من المورسكيين إلى شمال
إفريقيا وتقدر أعدادهم في الجزائر العاصمة وحدها ب ٢٥٠٠٠ نسمة، وفي وهران ب
٢٢٠٠٠ نسمة، وفي ولاية تونس قدرتهم المصادر بحوالي ٨٠٠٠٠ نسمة ورغم ما يتردد من
أن أعداد المورسكيين كانت كبيرة وواضحة في بلدان المغرب وأن مصر لم تتأثر كثير
بهجرتهم، فالواقع يبدو مخالفا لذلك؛ فمنذ عمليات تهجيرهم من أسبانيا، كانت
أعدادهم كبيرة منهم تنقل إلى المدن المغربية ثم ما لبث ان تهاجر إلى الشرق إما
برغبته أو نتيجة لطردهم. فمثلا في الجزائر العاصمة وبعد وصول المورسكيين بقليل
في سنة ١٠٢٠ هجرية/١٦١١م،حل بها جفاف خطير وحمل المورسكيون مسئوليته، فصدر أمر
من عميد الشرطة بطردهم من العاصمة في غضون ثلاثة أيام وطبق هذا القرار بصرامة
شديدة حتى أن المرضى والفقراء الذين لم يستطيعوا الخروج قتلوا عنوة. وفي سنة
١٠٤٠ هجرية/١٦٣٠م وبعد أن أعمر المورسكيون مدينة درنة لكن أمير طرابلس أبى
عليهم بالبقاء بها ودخل معهم في معارك ضاربة وطردهم منها حيث فروا باتجاه
الشرق. لقد كانت مأساة المورسكيين أنهم كانوا يحملون ماضيهم معهم أينما حلوا،
فهم في أسبانيا وفرنسا مسلمون وفي شمال إفريقيا مسيحيون. وأمام هذا الوضع حاول
العديد منهم الفرار إلى الشرق وترك هذا الماضي العنيد وفي الشرق حرصوا على أن
يلقبوا بالقب المغربي فقط دون تحديد موطنهم الأصلي، بل منهم من حاول نسيان حتى
هذا اللقب.
وجدير بالذكر أن المصادر لا تحدد اعداد المورسكيين المهاجرين إلى مصر، ويوضح
المقري وهو نفسه مورسكي هاجر إلى مصر - أن عددا منهم هاجر إلى مصر واستقر بها
فيقول: "ووصل جماعة إلى القسطنطينية العظمى وإلى مصر والشام وغيرها من بلاد
الإسلام. وعلى الرغم من قلة المصادر التي تتحدث عن هذا الموضوع، إلا أن الوثائق
تشير إلى أن مصر كانت واحدة من أهم الأقاليم التي أستقبلت الهجرة المورسكية.
ولذا يجب محاولة فهم طبيعة حديث الوثائق عن هؤلاء المورسكيين وكيف كانت تتحدث
عنهم أن لقبين هما الأندلسي والقطوري كانا هما اللقبين اللذين لقب بهما
المورسكيين في الوثائق، وكلمة القطوري من المصدر يقطر أي يتتبع ويلحق، وتوجد
أدله عديدة من خلال الوثائق على ارتباط هذا اللقب بالعائلات المورسكية منها أن
عائلات عديدة نعرف جيدا انها مورسكية كانت تلقب بهذا اللقب مثل عائلة المقرئ
فالشيح الشهير أحمد بن محمد المقري مؤلف "كتاب نفخ الطيب في غصن الأندلس
الرطيب" تلقب عائلته بالقطوري حيث أقامت عائلة المقري في الإسكندرية فترة طويلة
إلى أن انتقل عدد من افرادها إلى القاهرة. ومن الغريب أنه عند تسجيل تركة الشيخ
أحمد تلقبه الوسائق بالتلمساني وهو ما يعكس المحاولات المستمرة من جانب
المورسكيين للتخلص من الماضي الذي كان يعتبره العامة في المجتمع نوعا من الكفر
أو التنصر. وفي طولون أيضا أنشأ المورسكيون درب عرف بدرب القطري وفي بولاق حوض
القطوري، أن المنطقة الشمالية من الدلتا الواقعة في شمال إقليم الغربية (محافظة
كفر الشيخ الحالية) كانت هي أكثر المناطق التي تركز فيها المورسكيون، حيث كانت
هذه المنطقة منخفضة الكثافة السكانية، أو معدومة، حيث أنشأ المورسكيون عددا
كبيرا من القرى في هذه المنطقة، وبالتالي أطلقوا عليها أسماء أقرب إلى أسماء
مدنهم بالأندلس. ويمكن ذكر أسماء بعض القرى التي على الأرجح أن مؤسسيها هم
المورسكيين:
وفي الإسكندرية استقر المورسكيون في شمال المدينة القديمة عمروا جزءا رئيسيا من
المنطقة التي تطلق عليها الوثائق "الجزيرة الخضراء" ويطلق عليها المؤرخون
"المدينة التركية. ففي سنة ١٠٣٣هجرية/١٦٢٣م اشتكى أهالي الثغر السكندري إلى
الديوان في القاهرة بأن المغاربة القادمين من المغرب بنوا بيوتهم بجزيرة الثغر
حتى تعدوا على مقابرهم ورغم ذلك فقد جاءت أوامر الباشا بعدم التعرض المغاربة
وعدم منعهم من البناء، وكانت حارة البلقطرية واحدة من تسع حارات تتكون منها
الإسكندرية.
وكان الوجود القطوري مهما جدا في رشيد أيضا. كما شهدت مدينة طنطا هجرة واسعة من
جانب المورسكيين بوصفها معقلا لأحد أهم المشايخ المغاربة وهو السيد البدوي.
وفي القاهرة تركز المورسكيون في منطقة بين القصرين وفي منطقة باب الشعرية وهو
ما سوف يعزز هذا الحي سكانيا، فتتسع مساحته ولا يزال هذا الحي يحتفظ بحارة مهمة
تسمى حارة المغاربة.
ويقول الأستاذ الدكتور على المنتصر الكتاني بكتابه أنبعاث الأسلام في الأندلس:
وانتقل إلى مصر جم غفير من الأندلسيين، عبر العصور، ترجم المقري في "نفخ الطيب"
لحوالي ٣٧ عالما وفقيها وأديبا من أشهرهم. منهم بالقرنين الرابع والخامس
الهجري، الوليد بن هشام، المعروف بأبي ركوة، الذي هاجر إلى برقة (ليبيا اليوم)
فثار على الحاكم العبيدي وجمع الناس حوله، فغلبته عساكر الحاكم وأتت به إلى
القاهرة حيث أعدم في ١٣ رجب عام ٣٩٩ هجرية، وقد خلف أبو ركوة أشعارا كثيرة.
ومنهم عبد الله بن رشيق (من قرطبة)، كان أديبا شاعرا عفيفاً خيرا، رحل أولا إلى
القيروان ثم حج ورجع إلى القاهرة حيث توفى سنة ٤١٩ هجرية. ومنهم أبو محمد عبد
العزيز بن أحمد ابن السيد ابن المغلس القيسي (من بلنسة)، كان عالما باللغة
العربية، انتقل في البلاد ثم استوطن مصر حيث توفى سنة ٤٢٧ هجرية.
ومن أندلسي القرن السادس الذين استوطنوا مصر أبو بكر محمد بن الوليد الفهري
المعروف بأبن أبي رندقة (من طرطوشة)، صاحب "سراج الملوك"، انتقل إلى الإسكندرية
وبها توفى سنة ٥٢٠ هجرية، ومنهم أبو عبد الله محمد بن أحمد الأموي المعروف
بالنقاش (من طليطلة)، نزل مصر وقعد للإقراء في مسجد عمرو بن العاص إلى أن توفى
بها سنة ٥٢٩ هجرية. ومنهم أبو زهر ثابت بن الفرج الخثعمي (من بلنسية)، كان
شاعرا أديبا، استقر بمصر وبها توفى في رجب سنة ٥٤٥ هجرية ومنهم أبو بكر محمد بن
عبد الملك بن السراج (من شنتمرية الغرب)، كان من أئمة اللغة العربية المبرزين
ومن أشهر النحويين، قدم القاهرة ٥١٥ هجرية وجلس لتعليم النحو في جامعه الأزهر،
وبها توفى في رمضان سنة ٥٤٩ هجرية. ومنهم أبو العباس احمد بن معد بن الوكيل (من
أقليش)، ورحل من مولدة دانية إلى بلنسية حيث أخذ العربية والآداب والحديث، ثم
إلى المشرق سنة ٥٤٢ هجرية، ثم أستقر بمكة المكرمة، ثم قفل راجعا إلى مصر حيث
توفى بمدينة قوص سنة ٥٥٠ هجرية. ومنهم أبو يحيى اليسع بن عيسى الغافقي (من
جيان)، صاحب كتاب "المعرب في أخبار محاسن أهل المغرب" الذي جمعه للسلطان صلاح
الدين الأيوبي، أنتقل إلى مصر سنة ٥٦٠ هجرية، وتوفى بها سنة ٥٧٥ هجرية، ومنهم
أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الخزرجي (من قرطبة)، من أشياخ ابن بشكوال،
استوطن مصر وتوفى بها سنة ٥٨٨ هجرية. ومنهم الأمام العلامة أبو القاسم ابن خيرة
الشاطبي (من شاطبة) صاحب "حرز الأماني" و "العقبة" وغيرهما، كان فقيها
حافظا، دخل مصر سنة ٥٧٢ هجرية، وتوفى بالقاهرة يوم الأحد ٢٨ جمادى الأخر سنة
٥٩٠ هجرية، ودفن بالتربية الفاضلة بسفح المقطم.
ومن أندلسيي القرن السابع الذين أستوطنوا مصر أبو بكر محمد بن عبد الله بن
العربي (من إشبيلية)، حغيد القاضي الحافظ أبي بكر بن العربي، حج ورحل إلى الشام
والعراق، ثم رجع إلى إشبيلية للتدريس، وفي سنة ٦١٢ هجرية تصوف وتعبد وأنتقل إلى
الأسكندرية سنة ٦١٧ هجرية. ومنهم الحافظ أبو الخطاب بن دحية (من دانية) كان من
أعلام اللغة العربية والحديث، صنف كتبا كثيرة منها "التنوير في مولد السراج
المنير"، رحل إلى تونس سنة ٥٩٥ هجرية وعمره ٥٥ سنة، ثم حج وعاد إلى مصر
فاستأدبه الملك العادل لولده وأسكنه القاهرة، وبها توفى سنة ٦٣٣ هجرية. ومنهم
أخوه الأكبر أبو عمرو عثمان بن الحسين (من دانية)، كان حافظ للغة العربية،
انتقل الى القاهرة ورتبه الملك الكامل مكان أخيه أبو الخطاب في دار الحديث
الكاملة، وبقى بها إلى أن توفى سنة ٦٣٤ هجرية. ومنهم أبو الربيع سليمان بن
إبراهيم بن صافي (من قيسانة من عمل غرناطة)، فقيه مالكي قدم القاهرة وناب في
الحسبة، توفي بها سنة ٦٣٤ هجرية عن سبعين سنة. ومنهم أبو مروان محمد بن أحمد
اللخمي (من إشبيلية)، ولي القضاء بإشبيلية، ثم رحل إلى المشرق فحج وزار الشام،
ثم استقر بالقاهرة حيث توفى سنة ٦٣٥ هجرية عن ٧١ سنة. ومنهم أبو القاسم بن حاضر
(من جزيرة شقر)، كان عالما بصناعة التوريق، قدم قوص واستوطنها وتوفي بها سنة
٦٣٩ هجرية. ومنهم موسى بن سعيد العنسي (من قلعة يحصب)، والد أبي الحسن على متمم
كتابه "المغرب في أخبار المغرب"، كان أديبا مفكرا راجح العقل، انتقل بولده إلى
مصر وتوفي بالأسكندرية سنة ٦٤٠ هجرية بعد أن أوصله بالرجوع إلى الأندلس. ومنهم
الشاعر أبو محمد القرطبي (من قرطبة)، انتقل الى القاهرة وبها توفي سنة٦٤٣هجرية.
ومنهم الطبيب أبو محمد عبد الله بن البيطار (من مالقة)، ترك كتبا هامة في
الأدوية المفردة، جال في الأرض يبحث عن الأعشاب ثم استقر في مصر وجعله الملك
الكامل رئيسا على جميع العشابين وأصحاب البسطات، ثم خدم والده الملك الصالح إلى
أن توفي في شعبان ٦٤٦ هجرية.
ومن أندلسيي القرن السابع الذين استوطنوا مصر أبو بكر محمد بن أحمد
الخزرجي (من مالقة)، من الزهاد الورعين المتقين، انتقل إلى القاهرة وبها توفي
سنة ٦٥١ هجرية ودفن بقرافتها. ومنهم أبو بكر حميد بن أبي محمد الأنصاري (من
قرطبة) نزل مالقة ثم أنتقل إلى القاهرة، كان من الزهاد الصالحين، توفى سنة ٦٥٢
هجرية عن ٤٦ سنة ودفن بفسيح المقطم دفن بفسيح المقطم. ومنهم أبو عبد الله
التيجي الدهان (من غرناطة) كان تتجرأ عدلا فضلا، ومات بقوص سنة ٦٥٣ هجرية.
ومنهم أبو عبد الله محمد بن عبد الله السلمي (من مرسية)، مفسر فقيه حال بلاد
الأسلام من المغرب إلى خرسان وأستقر بمصر مات قرب العريش سنة ٦٥٥ هجرية عن ٨٥
سنة. ومنهم أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي (من قرطبة)، صاحب "المفهم في شرح
المسلم" فقيه محدث مدرس، ولد بقرطبة سنة ٥٧٨ هجرية وسمع بها، ثم انتقل الى
المشرق وقدم مصر وأختصر بها الصحيحين، توفي بالإسكندرية سنة ٦٥٦ هجرية. ومنهم
الطيب أبو عبد الله محمد البلوشي (من لوشة)، استقر بمصر وبها توفي سنة ٦٦٠
هجرية. ومنهم المحدث أبو عبدالله محمد بن سراقة (من شاطبة)، انتقل في طلب العلم
إلى الشام والعراق، وأستقر بمصر حيث تولى مشيخة دار الحديث الكاملية سنة ٦٤٣
هجرية إلى أن توفي في شعبان سنة ٦٦٢ هجرية. ومنهم أبو جعفر محمد بن بندار
القيسي (من مالقة)، كان دينا خيرا فاضلا له مشاركة في عدة علوم، توفي بالقاهرة
سنة ٦٦٢ هجرية عن ٣٧ سنة. ومنهم الصوفي الشهير أبو الحسن علي الششتري (من
ششتر من عمل وادي آش)، كان مجودا للقرآن قائما عليه عارفا بمعانيه، جال الآفاق
وآثر التجرد العبادات وصنف الكتب الكثيرة، في التصوف، وله ديوان شعر،
توفي في دمياط في ١٧ صفر عام ٦٦٨ هجرية. ومنهم أبو عبد الله محمد بن فرح (من
قرطبة)، كان من الصالحين و العلماء العارفين الورعين، له تآليف عدة في التفسير
والتصوف، توفي بمنية ابن الخطيب سنة ٦٧١ هجرية. ومنهم أبو عبد الله محمد بن
سليمان المعافري المعروف بابن الربيع (من شاطبة) من أهل التصوف الأولياء
الصالحين، استقر بالإسكندرية وبها توفي سنة ٦٧٢ هجرية. ومنهم أبو عبد الله محمد
بن يوسف الأنصاري (من شاطبة) له تصانيف جيدة وشعرا، توفي بالقاهرة سنة ٦٨٤
هجرية. ومنهم الولي الشهير سيدي أبو العباس المرسي (من مرسية)، انتقل الى
الإسكندرية وتوفي بها سنة ٦٨٦ هجرية، لأهل مصر فيه اعتقاد كبير حتى أصبح أسم
"المرسي" شائعا إلى يومنا هذا بين أهل مصر. منهم الشاعر الأديب أبو القاسم
التجيبي (من بلش) استوطن القاهرة وتوفي بها سنة ٦٩٥ هجرية عن ٧٢ سنة. ومنهم أبو
سلمة البياسي (من بياسة) كان عارفا بعلم الحديث ظاهري المذهب،استوطن القاهرة
وبها توفي سنة ٧٠٣ هجرية.
من أهل القرن الثامن الذين استقروا بمصر أبو عبد الله الراعى (من غرناطة) كان
فقيها أصوليا، هاجر إلى مصر وبها توفي سنة ٨٥٣ هجرية عن ٧١ سنة.
وهاجر بعد ذلك عدد من الأندلسي، خاصة بعد سقوط غرناطة وبعد سنة ١٦٠٩م، استقر
كثيرون منهم في الإسكندرية التي أصبحت مركزا مهما لهم، أتوا أليها في غالب
الأحيان عن طريق تونس، وتوجد أسماء أندلسية كثيرة في وثائق المحكمة الشرعية
بالاسكندرية في العقود التجارية و البيع والشراء والزواج و الميراث. وكان
الأندلسيون يكتبون دائما أسماءهم متبوعة بلقب الأندلسي أو النسبة إلى
البلد التي أتوا منها في الأندلس. كما استقر عدد من الأندلسيين في مدن
مصر الأخرى كالقاهرة ودمياط ورشيد والسيويس و المنصورة وأسيوط. وأنتقل أليها
عدد من البيوتات الأندلسية المغربية في القرنين الأخيرين كبيت برادة وغيره.
ويقتضي استقصاء الوجود الأندلسي المعاصر في مصر بحثا في الوثائق الشرعية وبين
العائلات المغربية،ومنها الأندلسية.
و بالعودة إلى كتاب العائلة والثروة ص ١١١ جاء فيه:
لعل العائلات الأندلسية هي الأصعب على الأطلاق بين العائلات المغربية في
التحديد والهوية، ويرجع السبب في ذلك إلى عدد من العوامل منها أن عددا كبيرا من
العائلات الأندلسية هاجرت في البداية إلى بلدان المغرب العربي ثم أنتقلت بعد
ذلك إلى مصر. وبالتالي أصبحت تعرف في الوثائق بالمدن المغربية التي هاجرت منها
إلى مصر مثل عائلة البرجي والعتابي، حيث جاءت عائلة البرجي من جزيرة جربة فكانت
الوثائق تلقب أفرادها بالمغربي الجربي، كما جاءت عائلة العتابي من فاس.
ورغم أن الهجرة الأندلسية إلى مصر كانت كبيرة سواء في أعقاب سقوط غرناطة أو في
أعقاب طرد المورسكيين في سنة ١٠١٨ هجرية / ١٦٠٩م، إلا أن هذه الهجرة على ما
يبدو انصبت على القطاع الريفي والمدن الصغيرة بخاصة في إقليمي الغربية
واليوم وهو ما جعل مهمة التعرف على هذه العائلات غامضا في ظل غياب الوثائق عن
القطاع السكاني الريفي أو حتى في المدن الصغيرة.
كما كان عدد ليس بالقليل من المغاربة سواء الأندلسيين أو حتى غيرهم لا سيما
الأندلسيين الذين هاجروا في أعقاب سقوط غرناطة سنة ١٤٩٢م، قد فقدوابمرور الوقت
لقبهم المغربي أو الأندلسي وأصبحوا جزءا من النسيج المصري مثل عائلة
الرويعي. والطبع ظل احتجاب الوثائق لذكر مثل هذا اللقب، كان من الصعوبة بمكان
تحديد الهوية الجنسية لهذه العائلات، وإضافة إلى ذلك فقد جاءت الهجرة الأندلسية
فرادية؛ بمعنى أن عددا كبيرا من الأندلسيين الذين هاجروا إلى مصر هاجروا
بمفردهم دون عائلاتهم نتيجة للظروف الصعبة التي هاجروا في ظلها، وبالتالي
فكثيرا ما تشير الوثائق إلى أحمد بن محمد الأندلسي التاجر بسوق الجمل ن ولا
تتحدث الوثائق مطلقا عن هوية الرجل أو اسم عائلة التي ينتمي إليها أو اسم
المنطقة التي هاجر منها.
وقد جعلت كل هذه العوامل من الصعوبة بمكان تحديد ومعرفة العائلات الأندلسية.
ورغم ذلك فقد كان الوجود الأندلسي مهما بالفعل بالقاهرة في مناطق باب الشعرية
التي كانت امتداد طبيعيا توسعيا للعاصمة، وفي مناطق بين القصرين والسبع قاعات
حيث كانتا منطقتين لإنتاج السكر الذي كان للأندلسيين فيه باع طويل مما أهلهم
للقيام بدور مهم في تطوير آليات هذه الحرقة في مصر خلال النصف الأول من القرن
السابع عشر.
وكان للعائلات الأندلسية التي استقرت في القاهرة او حتى الإسكندرية دورا واضحا
في تجارة التوابل خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر حيث استقر عدد من
الأندلسيين بالهند وعمل عدد منهم تجارا سفارين بين الهند وجدة والقاهرة
واستطاعوا أن يحرزوا دورا هاما في تجارة البحر الأحمر مثل عائلة ابن سويحة
وعائلة المعاجيني كما ساهمت العائلات الأندلسية في تفعيل العلاقات التجارية بين
مصر ومدن الذهب في وسط غرب إفريقيا، بسبب وجود طائفة أندلسية مهمة في تمبكتو
وكانو حيث اتجهت أعداد كبيرة من الأندلسيين للهجرة والاستقرار بهما. وكانت
عائلة الصباغ واحدة من أهم العائلات التي تخصصت في تجارة تراب الذهب خلال القرن
السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر.
كما قامت العائلات الأندلسية التي استقرت في رشيد بدور حيوي في التجارة بين مصر
و إسطنبول، وكانت العناصر الأندلسية و المغربية من أكبر العناصر التي استفادت
من قيام ووجود الدولة العثمانية على المستوى الأقتصادي، حيث أتاح لهم غياب
العنصر التجاري المصري إلى جانب ضعف النشاط التجاري للأتراك نوعا ما للقيام
بدور رئيسي في هذه التجارة، وقد ساعدهم في ذلك هجرة أعداد كبيرة من الأندلسيين
و المورسكيين إلى إسطنبول ومدن وموانئ الأناضول، ولعل أهم هذة العائلات هي:
أخيرا أرجوا من الله عز وجل أن يوفقني لعمل بحث موسوعي يجمع وينقب ويثبت
كل العائلات الأندلسية بأرض الكنانة فهم مكون كبير جدا من شعب الأندلس ويجب
أن ندعوا الله بالعودة لأرض الأسلام بالأندلس إلى فردوسنا المفقود.
__________________________________________
إعداد/ محمد أبوشافعين المعبدي الأنصاري
موضوعات ذات صلة:
عرب المعابدة عبر الصحراء - رحلة المئة عام أو تزيد
موضوعات ذات صلة:
عرب المعابدة عبر الصحراء - رحلة المئة عام أو تزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق