الثلاثاء، 25 مارس 2025

كتاب التحفة الأنصارية في تاريخ عائلات فرشوط وجرجا والصعيد

آل الأنصاري بفرشوط: رحلة العلم والكرم عبر الأجيال



عائلات الأنصار قرية فرشَط مركز نجع حمادي قنا


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فإن هذا الكتاب هو محاولة توثيقية لتسجيل تاريخ العائلات الأنصارية العريقة في بلاد الصعيد، وتحديداً في منطقة فرشوط وجرجا، تلك البلاد التي حفظت للأمة نسبها ومجدها.


مدخل: حكاية أرض وأنساب

في قلب صعيد مصر، حيث تتناثر القرى كدموع على خد الصحراء، وتمتد الأراضي الخصبة كبساط من الزمرد، توجد فرشوط. بلدة عانقت التاريخ، وضمت في أحضانها أمجاد الأنصار وعظمة الأخيار.

كانت فرشوط كالواحة في صحراء النسيان، تحفظ أسرار الأجداد وتروي حكايات العائلات العريقة. وما أجمل أن تكون الأرض شاهدة على مجد الرجال، حافظة لأنسابهم وأمجادهم.


فرشوط: عاصمة العروبة في الصعيد

فرشوط، تلك البلدة المباركة الواقعة في محافظة قنا، هي إحدى أهم معاقل العروبة في صعيد مصر. كانت عاصمة دولة شيخ العرب همام بن يوسف الهواري، ذلك الأمير العظيم الذي امتد سلطانه من المنيا شمالاً إلى أسوان جنوباً. اجتمعت بها قبائل الهوارة والأشراف والأنصار، وكانت منارة للعلم والدين.


عائلات الأنصار في فرشوط

▫️عائلة القاضي عبد الرحيم الأنصاري

من أعرق العائلات في فرشوط، وهي من أحفاد الشيخ الجليل عبد الجواد بن محمد بن أبي الجود ذرية الصحابي الجليل عامر بن أمية النجاري الخزرجي رضي الله عنه. جذورها تعود إلى بلدة برديس بجرجا، معقل السادة الأنصار النجارية، ومن فرعهم الكريم آل الأنصاري ببرديس و جرجا و طهطا و الطليحات.


موضوعات ذات صلة:

▪️عائلة الأنصاري بطهطا: تاريخ علمي وأنساب متجذرة

▪️تحقيق نسب عائلة الأنصاري ببرديس و جرجا و طهطا و فرشوط

▪️منزل الشيخ البرديسي الأنصاري : واجهة أثرية تحمل تاريخًا علميًا ودينيًا

▪️كيف تولّت عائلة الأنصاري نقابة الأشراف في جرجا؟ القصة الكاملة


▫️عائلة القاضي حمد بن علي القطري الأنصاري

عائلة كريمة تنحدر من ذرية الصحابي الجليل سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه. أصولهم تعود إلى قرية هو بمركز نجع حمادي، ولهم بها أبناء عمومة، وقد اندمجت مع عائلة القاضي عبد الرحيم لتشكل معاً عائلة القاضي الأنصاري بفرشوط.


▫️عائلة الأنصاري

عائلة كريمة من ذرية الشيخ عيسى الأنصاري الجرجاوي، من ذرية الصحابي الجليل عامر بن أمية النجاري الخزرجي رضي الله عنه.

هذه العائلات الثلاث جعلت من فرشوط واحدة من البلدان التي تحظى بتجمع كبير لأحفاد الأنصار، مثلها مثل بلدان دشنا، المشاودة، بني محمد الشهابية، وعرب المعابدة.

وبعد أن سبق لنا الشرف في نشر أبحاث سابقة عن عائلتي القاضي عبد الرحيم والأنصاري وعائلة القاضي حمد الأنصاري، اليوم ننفرد بنشر السيرة العطرة لعائلة الأنصاري، ذرية الشيخ عيسى الأنصاري، بيت العلم والخلق الرفيع.


الأصول والنسب

تنتمي هذه العائلة إلى ذرية الصحابي الجليل عامر بن أمية النجاري الخزرجي رضي الله عنه. وهي فرع من عائلة نصار القديمة بجرجا، و"نصار" هو تحريف العامة مع الزمن لكلمة أنصار، إحدى العائلات المعروفة بـ "السبعة باب".


أصوات من التاريخ: حكاية الأنصار

▫️أرض برديس: مهد الأمجاد

ارتفعت همم الرجال في برديس، تلك البلدة التي أنجبت رجالاً حملوا راية العلم والدين. هنا، حيث يلتقي التاريخ بالأمل، نبتت شجرة الأنصار، ممتدة جذورها في أعماق التراب، متشبثة بعروق المجد.

كان الشيخ عثمان بن عوض الأنصاري النجاري - رحمه الله - بمثابة البذرة الأولى. ضريحه في برديس يروي قصة عطاء لا ينتهي، وينادي على أحفاده: "احملوا العلم، وكونوا منارات في ظلمات الجهل".

▫️عائلات "السبعة باب": نجوم متلألئة

أما عائلات "السبعة باب" بجرجا، فقد كانت كالكواكب الزاهرة، والنجوم المتلألئة في أفلاك النسب الشريف. ولقد اختلف أهل الأخبار في سبب هذه التسمية العجيبة، فمن قائل إنها لكثرة أبواب الخير والجود التي لا تُغلق في وجوه الضيوف والوافدين، ومن زاعم أنها نسبة إلى الحي الجامع لهم، الذي جمع شملهم كما تجمع الأبواب السبعة حصناً منيعاً. ولكن المتفق عليه بين المؤرخين أنهم من صميم عائلات الأنصار النجارية، ضاربة بأصولها في أعماق تاريخ جرجا، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.


ومن هذه العائلات الجليلة:

  • آل نصار: وهو تحريف العامّة لكلمة الأنصار، وقد حملوا راية المجد والعز عبر الأزمان.
  • الأنصاريون: حاملو لواء العلم والديانة، وبهم انتشرت معالم الهدى.
  • السكريون: الذين أضاءوا دروب المعرفة كما تُضيء النجوم السارية.
  • المصريون: رواة حكايات الأمجاد وأنباء الأسلاف.
  • الدباحون: صانعو التاريخ بحسن سيرتهم وعلو همتهم.
  • البكريون: الذين أرّخوا بمسيرتهم معالم الفخر والإباء.

وكل عائلة من هذه الأسر العريقة فرعٌ من تلك الشجرة المباركة، التي امتدت جذورها في تربة الصعيد الطاهرة، وعلت أغصانها حتى حاكت بسموها عنان السماء.

وجميعهم ينتسبون إلى ذلك الولي الصالح، الشيخ الجليل عثمان بن عوض الأنصاري النجاري، الذي شُيّد له ضريح مبارك ببرديس، يتبرك به الزوار، ويستشفع به الضعفاء. فهو الجد الجامع لهذه الأسر الكريمة، والمحور الذي تدور حوله أنساب هذه الفروع المباركة.


موضوعات ذات صلة:


حكاية عائلة الأنصاري بفرشوط: رحلة العلماء من جيل إلى جيل


▫️الجيل الأول: الشيخ عيسى بن صالح الأنصاري - البداية المباركة

في ليلة شتوية، حيث تهمس الرياح قصص الأجداد، ولد بفرشوط الشيخ عيسى بن صالح الأنصاري. كان رجلاً من طينة العلماء، يحمل في عينيه بريق المعرفة، وفي قلبه نور الإيمان.

أصبح إمام المسجد العمري العتيق ببهجورة، يرشد الناس ويعلمهم. وعندما جاء وباء الطاعون عام 1216 هـ، استقبله بصبر الصديقين، مستسلماً لقدر الله، تاركاً وراءه إرثاً من العلم والتقوى و ابنه الوحيد الشيخ هريدي.


المسجد العمري العتيق بقرية بهجورة مركز فرشوط محافظة قنا
المسجد العمري العتيق 


▫️الجيل الثاني: الشيخ هريدي عيسى الأنصاري

ورث العلم عن والده، وتولى إمامة المسجد العمري العتيق. أنجب ابنه الشيخ فراج، الذي حمل راية العلم والدين.


▫️الجيل الثالث: الشيخ فراج هريدي عيسى الأنصاري

كان رجل دين وعلم، تولى إمامة المسجد العمري العتيق. أنجب ثلاثة من أبنائه البررة:

1. الشيخ خفاجي عيسى الأنصاري

  • عالم وخطيب مسجد شيخ العرب همام
  • لم يُعقب سوى بنت واحدة

واجهة مسجد شيخ العرب همام بن يوسف الهواري أمير الصعيد
صورة واجهة مسجد شيخ العرب همام متاحة أستخدام العام المصدر موسوعة ويكيبيديا

2. الشيخ عبد الباسط فراج الأنصاري

  • إمام وخطيب مسجد الشيخ صالح الشوري بفرشوط
  • توفي دون أن يترك عقباً

3. الحاج حسانين فراج الأنصاري

الحاج حسانين فراج بن هريدي بن عيسى الأنصاري هو الركن الركين والعماد المتين لعائلة الأنصاري بفرشوط، والجد الجامع لفروعها.

أضحى اسمه عَلَماً يشار إليه بالبنان، إذ عُرف بـ الكرم الواسع، والنخوة التي لا تخبو جذوتها، فكان ملاذاً للقاصي والداني، وسنداً لكل مستجير أو محتاج.

وما زاده على ذلك إلا سعة في الرزق ويسراً في الحال، إذ امتهن تجارة الحبوب والغلال منذ حداثة سنه، فأتقنها حتى صار فيها من أهل الحنكة والدراية.

ثم إن الله كرّمه بالذرية الصالحة، فأعقب ثلاثة عشر نفراً:

  • تسعة رجال هم عُمد فروع العائلة وأركانها
  • وأربع بنات كنّ زينة داره ومبعث الخير والبركة فيه

فصار بذلك سلفاً مباركاً، وأصلاً طيباً تفرعت منه أغصان العز والشرف.


▫️ذرية الحاج حسانين فراج الأنصاري

الأبناء الذكور (9):

  1. عوض
  2. عويضة
  3. كريم
  4. محمد
  5. يوسف
  6. رضوان
  7. عبد الرحمن
  8. سليمان
  9. عثمان

البنات (4):

  1. فاطمة
  2. عديلة
  3. ستهم
  4. ست أبوها

هؤلاء هم فروع شجرة آل الأنصاري بفرشوط، ذرية مباركة طاب أصلها الثابت، وعلا فرعها حتى سما في السماء، فأنجبت أبناء كرامًا، حملوا سيماء الأجداد من دين قويم، وتواضع عظيم، ومكارم أخلاق تشهد بها العقود والتواريخ.

وسنقص — بإذن الله تعالى — في المقال الآتي بعض أخبار ذرية آل كريم الأنصاري، وفضائل الحاج بهلول الأنصاري، ذلك الرجل العظيم، المنتسب إلى صميم السادة الأنصار، وأحد أعيانهم الموقرين بأرض قنا وفرشوط، الذي طار صيت حكمته وكرمه في الآفاق.


موضوعات ذات صلة:


خاتمة: رسالة إلى الأجيال

أيها الأحفاد، إن تاريخكم ليس مجرد أسماء وتواريخ، بل هو قصة عشق للعلم والدين.
كل جدٍّ من أجدادكم ترك بصمة في هذا الوجود، وكل عالم منهم كان شعلة تضيء درب من بعده.

احفظوا هذا الإرث، وكونوا على قدر أمجاد أسلافكم. فالتاريخ لا يُكتب بالحبر، بل يُكتب بالعزيمة والإيمان.

والحمد لله رب العالمين.


ملاحظات الراوي

هذه الحكاية ليست مجرد توثيق، بل هي رسالة عبر الزمن، تروي قصة عائلة حملت لواء العلم والكرم عبر قرون.

المصادر:

▪️جرد عائلة الأنصاري بفرشوط
▪️أبناء و شيوخ العائلة


موضوعات ذات صلة :









لا تنسوا مشاركة المقال مع أصدقائكم وزيارة المدونة لمزيد من المواضيع الشيقة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليقك هنا. نحن نقدر ملاحظاتك! شاركنا رأيك أو استفسارك، وسنكون سعداء بالرد عليك